للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي الْكِتَابِ أَمْ صَاحِبُ الْكِتَابِ؟ فَإِنْ قَالَ صَاحِبُ الْكِتَابِ: سَأَلَهُ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّهُ كِتَابُ الْقَاضِي، وَإِنْ قَالَ: أَنَا وَكِيلُ الطَّالِبِ وَأَنَا فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ؛ فَإِنَّهُ يُسْأَلُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ وَأَنَّ فُلَانًا وَكَّلَهُ فَإِنْ أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى الْكِتَابِ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى بِبَيِّنَةِ وَكَالَتِهِ الْقِيَاسُ أَنْ لَا يَقْبَلَهُ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يُقْبَلُ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رِوَايَتَانِ، قَالَ ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا سَمِعَ الْقَاضِي الْبَيِّنَةَ عَلَى الْوَكَالَةِ وَالْكِتَابِ فَقَبْلَ أَنْ تَظْهَرَ عَدَالَةُ الشُّهُودِ عَزَلَ الْكَاتِبَ ثُمَّ ظَهَرَتْ عَدَالَتُهُمْ قَضَى الْقَاضِي بِالْأَمْرَيْنِ جَمِيعًا وَإِنْ عَدَلَتْ بَيِّنَةُ الْوَكَالَةِ وَلَمْ تَعْدِلْ بَيِّنَةُ الْكِتَابِ حَتَّى عَزَلَ الْقَاضِي الْكَاتِبَ فَأَرَادَ الْوَكِيلُ أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً أُخْرَى عَلَى الْكِتَابِ وَالْخَتْمِ لَا يُقْبَلُ ذَلِكَ مِنْهُ وَإِنْ عَدَلَتْ بَيِّنَةُ الْكِتَابِ وَلَمْ تَعْدِلْ بَيِّنَةُ الْوَكَالَةِ حَتَّى عَزَلَ الْكَاتِبَ فَأَرَادَ الْوَكِيلُ أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً عَلَى أَنَّ فُلَانًا قَدْ كَانَ وَكَّلَهُ يَوْمَئِذٍ وَعَدَلَتْ الشُّهُودُ قُبِلَتْ الْبَيِّنَةُ وَقَضَى بِالْوَكَالَةِ، وَهَذَا التَّفْرِيعُ إنَّمَا يَأْتِي عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ثُمَّ إنْ قَبِلَ الْقَاضِي الْكِتَابَ وَفَتَحَهُ وَأَتَى بِجَمِيعِ الشَّرَائِطِ عَلَى نَحْوِ مَا بَيَّنَّا هَلْ يَقْضِي بِمَا فِي الْكِتَابِ؟ إنْ عَلِمَ الْقَاضِي إنَّ الَّذِي جَاءَ بِالْكِتَابِ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ الْفُلَانِيُّ أَوْ أَقَرَّ بِهِ الْخَصْمُ وَشَهِدَ الشُّهُودُ أَنَّهُ صَاحِبُ الْكِتَابِ يَقْضِي وَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِنْ هَذَا سَأَلَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ وَإِنْ سَأَلَ الْبَيِّنَةَ قَبْلَ ذَلِكَ فَهُوَ أَحْسَنُ قَصْرًا لِلْمَسَافَةِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

فِي الْخَانِيَّةِ فَإِذَا جَاءَ الْمُدَّعِي بِكِتَابِ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ وَأَحْضَرَ خَصْمَهُ وَشَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى كِتَابِ الْقَاضِي وَخَاتَمِهِ بِحَضْرَةِ الْخَصْمِ وَفَتَحَ الْكِتَابَ وَقَرَأَهُ عَلَى الْخَصْمِ وَفَعَلَ كُلَّ مَا هُوَ شَرْطُ الْقَضَاءِ بِالْكِتَابِ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَحْكُمْ حَتَّى غَابَ الْخَصْمُ إلَى بَلْدَةٍ أُخْرَى وَطَلَبَ الْمُدَّعِي مِنْ هَذَا الْقَاضِي أَنْ يَكْتُبَ إلَى الْقَاضِي الَّذِي الْخَصْمُ فِي بَلَدِهِ لَا يَكْتُبُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَيَكْتُبُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَيَسْمَعُ الْقَاضِي الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ دَفْعَ الْخَصْمِ إذَا قَالَ: لِي دَفْعٌ. وَلَا تَجُوزُ الرِّسَالَةُ مَكَانَ الْكِتَابِ وَإِنْ وُجِدَتْ جَمِيعُ الشَّرَائِطِ وَيَجُوزُ اسْتِعَانَةُ الْقَاضِي مِنْ أَمِيرِ الْمِصْرِ الَّذِي وَلَّاهُ مِنْ غَيْرِ شَرْطِ الْكِتَابِ بِكِتَابَةٍ أَوْ رِسَالَةٍ يَبْعَثُ مَعَهُ أَمِينًا وَإِنْ كَانَ الْأَمِيرُ فِي مِصْرٍ آخَرَ يَعْتَبِرُ الشَّرَائِطَ مِنْ خَتْمِ الْكِتَابِ وَالشَّهَادَةِ عَلَى أَنَّهُ كِتَابُ الْقَاضِي، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.

ذَكَرَ الْخَصَّافُ فِي أَدَبِ الْقَاضِي وَإِذَا انْكَسَرَ خَاتَمُ الْقَاضِي الَّذِي عَلَى الْكِتَابِ أَوْ كَانَ الْكِتَابُ مَنْشُورًا وَفِي أَسْفَلِهِ خَاتَمُ الْقَاضِي فَإِنَّ الْقَاضِيَ الْمَكْتُوبَ إلَيْهِ يَقْبَلُ الْكِتَابَ إذَا شَهِدَ الشُّهُودُ أَنَّ هَذَا كِتَابُ الْقَاضِي فُلَانٍ، وَأَنَّهُ قَرَأَ عَلَيْهِمْ. قَالَ الْخَصَّافُ عُقَيْبَ هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ: هَذَا قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى فَالْقَاضِي الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ لَا يَقْبَلُ الْكِتَابَ إذَا لَمْ يَكُنْ مَخْتُومًا غَيْرَ أَنَّ أَبَا يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ: إذَا كَانَ الْكِتَابُ غَيْرَ مَخْتُومٍ لَا تَصِحُّ الشَّهَادَةُ عَلَى الْكِتَابِ مَا لَمْ يَشْهَدْ الشُّهُودُ بِمَا فِي الْكِتَابِ

<<  <  ج: ص:  >  >>