للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عِنْدَ الْقَاضِي فَالْقَاضِي يَقْسِمُ مَالَهُ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ بِالْحِصَصِ وَلَيْسَ لِلْقَاضِي وِلَايَةُ تَقْدِيمِ بَعْضِهِمْ عَلَى الْبَعْضِ. الْمَرْأَةُ إذَا حَبَسَتْ زَوْجَهَا لِمَهْرِهَا أَوْ بِدَيْنٍ آخَرَ فَقَالَ الزَّوْجُ لِلْقَاضِي: احْبِسْهَا مَعِي فَإِنَّ لِي مَوْضِعًا فِي السِّجْنِ لِتَكُونَ مَعِي. ذَكَرَ الْخَصَّافُ فِي أَدَبِ الْقَاضِي فِي بَابِ الْمُطَالَبَةِ بِالْمَهْرِ أَنَّهُ لَا يَحْبِسُهَا وَبَعْضُ قُضَاةِ زَمَانِنَا اخْتَارُوا الْحَبْسَ لِفَسَادِ الزَّمَانِ سَدًّا لِبَابِ الْمَعْصِيَةِ عَلَيْهَا، فَإِنَّهَا إذَا لَمْ تُحْبَسْ وَقَدْ حَبَسَتْ زَوْجَهَا تَذْهَبُ حَيْثُ تُرِيدُ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ

وَفِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا مَاتَ الرَّجُلُ وَفِي الْوَرَثَةِ صَغِيرٌ وَكَبِيرٌ وَلِلْمَيِّتِ عَلَى رَجُلٍ دَيْنٌ فَحَبَسَهُ الِابْنُ الْكَبِيرُ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُطْلِقَهُ لَمْ يُطْلِقْهُ الْقَاضِي حَتَّى يَسْتَوْثِقَ لِلصِّغَارِ. وَلَا يَخْرُجُ الْمَحْبُوسُ فِي الدَّيْنِ مِنْ السِّجْنِ لِمَجِيءِ شَهْرِ رَمَضَانَ وَلَا لِلْفِطْرِ وَلَا لِلْأَضْحَى وَلَا لِلْجُمُعَةِ وَلَا لِصَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ وَلَا لِحَجَّةٍ فَرِيضَةٍ وَلَا لِحُضُورِ جِنَازَةِ بَعْضِ أَهْلِهِ وَإِنْ أَعْطَى كَفِيلًا بِنَفْسِهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَا عِيَادَةِ الْمَرِيضِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.

إذَا مَاتَ لِلْمَحْبُوسِ وَالِدٌ أَوْ وَلَدٌ وَلَمْ يَكُنْ بِحَضْرَتِهِ أَحَدٌ لِلْغُسْلِ وَالتَّكْفِينِ يُخْرِجُهُ الْقَاضِي مِنْ السِّجْنِ هُوَ الصَّحِيحُ أَمَّا إذَا كَانَ مَنْ يَقُومُ بِذَلِكَ فَلَا مَعْنَى لِإِخْرَاجِهِ مِنْ السِّجْنِ، قِيلَ: إنَّ الْمَحْبُوسَ يَخْرُجُ بِكَفِيلٍ كَانَ ثَمَّةَ لِجِنَازَةِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَجْدَادِ وَالْجَدَّاتِ وَالْأَوْلَادِ وَلَا يَخْرُجُ لِغَيْرِهِمْ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ وَقِيلَ فِي الْوَالِدَيْنِ وَالْأَجْدَادِ وَالْجَدَّاتِ وَالْوَلَدِ: لَا بَأْسَ بِإِخْرَاجِهِ. أَمَّا فِي غَيْرِهِمْ فَلَا يَخْرُجُ وَالْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ يَخْرُجُ فِي قَرَابَةِ الْوِلَادِ بِكَفِيلٍ، كَذَا فِي الْكُبْرَى.

وَحُكِيَ عَنْ الشَّيْخِ الْإِمَامِ أَبِي بَكْرٍ الْإِسْكَافِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ قَالَ فِي الْمَحْبُوسِ فِي السِّجْنِ: إذَا جُنَّ لَمْ يُخْرِجْهُ الْحَاكِمُ مِنْ السِّجْنِ. وَذَكَرَ الْخَصَّافُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي أَدَبِ الْقَاضِي أَنَّ الْمَحْبُوسَ فِي السِّجْنِ إذَا مَرِضَ مَرَضًا أَضْنَاهُ إنْ كَانَ لَهُ خَادِمٌ يَخْدُمُهُ لَا يَخْرُجُ مِنْ السِّجْنِ وَلَا يَخْرُجُ لِلْمُعَالَجَةِ. وَهَكَذَا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - حَتَّى قِيلَ لَهُ: وَإِنْ مَاتَ فِيهِ؟ قَالَ: وَإِنْ مَاتَ فِيهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَفِي وَاقِعَاتِ النَّاطِفِيِّ لَوْ مَرِضَ فِي الْحَبْسِ وَأَضْنَاهُ وَلَمْ يَجِدْ مَنْ يَخْدُمُهُ يُخْرِجُهُ مِنْ السِّجْنِ، هَكَذَا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَذَا إذَا كَانَ الْغَالِبُ هُوَ الْهَلَاكُ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ لَا يُخْرِجُهُ وَالْهَلَاكُ مِنْ السِّجْنِ وَغَيْرِهِ سَوَاءٌ، وَالْفَتْوَى عَلَى رِوَايَةِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: الْمَحْبُوسُ يُنَوَّرُ فِي السِّجْنِ وَلَا يَخْرُجُ إلَى الْحَمَّامِ، وَلَوْ احْتَاجَ إلَى الْجِمَاعِ لَا بَأْسَ بِأَنْ تَدْخُلَ زَوْجَتُهُ أَوْ جَارِيَتُهُ فِي السِّجْنِ فَيَطَؤُهَا حَيْثُ لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ أَحَدٌ. وَفِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ وَإِنْ لَمْ يَجِدْ مَكَانًا خَالِيًا لَا يُجَامِعُ.

وَهَلْ يُتْرَكُ لِيَكْتَسِبَ فِي السِّجْنِ؟ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - فِيهِ قَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يُمْنَعُ مِنْ الِاكْتِسَابِ فِي السِّجْنِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يُمْنَعُ عَنْ ذَلِكَ؛ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَإِلَيْهِ أَشَارَ الْخَصَّافُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَفِي الْكُبْرَى وَقَالَ الْقَاضِي فَخْرُ الدِّينِ: الْفَتْوَى الْيَوْمُ عَلَى أَنَّهُ لَا يُمْنَعُ مِنْ الِاكْتِسَابِ وَلَا يُمْنَعُ الْمَسْجُونُ مِنْ دُخُولِ أَهْلِهِ وَجِيرَانِهِ عَلَيْهِ، وَلَكِنْ لَا يُمَكَّنُونَ مِنْ أَنْ يَمْكُثُوا ثَمَّةَ طَوِيلًا وَفِي السِّغْنَاقِيِّ قَالُوا:

<<  <  ج: ص:  >  >>