للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِأَبْدَانِهِمَا بَعْدَ الْبَيْعِ الْمُسَمَّى فِي هَذَا الْكِتَابِ وَصِحَّتِهِ وَوُجُوبِهِ عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَالطَّحَاوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَانَ يَكْتُبُ: وَتَفَرَّقَا جَمِيعًا بِأَبْدَانِهِمَا بَعْدَ هَذَا الْبَيْعِ الْمُسَمَّى فِي هَذَا الْكِتَابِ عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا جَمِيعًا بِجَمِيعِهِ وَإِنْفَاذٍ مِنْهُمَا لَهُ وَمَا ذَكَرَهُ الطَّحَاوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَقْرَبُ إلَى الِاحْتِيَاطِ فِي حَقِّ الْمُشْتَرِي حَتَّى لَا يَصِيرَ الْمُشْتَرِي مُقِرًّا بِصِحَّةِ الشِّرَاءِ فَلَا يَنْسَدُّ عَلَيْهِ الرُّجُوعُ بِالثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ مَتَى اُسْتُحِقَّ الْمُشْتَرَى مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي يَوْمًا مِنْ الدَّهْرِ عَلَى قَوْلِ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ ثُمَّ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَمَا أَدْرَكَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ مِنْ دَرْكٍ فِي هَذِهِ الدَّارِ فَعَلَى فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ خَلَاصُهُ حَتَّى يُسَلِّمَهُ لَهُ اخْتَلَفُوا فِي قَوْلِهِ فَمَا أَدْرَكَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ مَذْكُورٌ بِالنَّصْبِ أَوْ بِالرَّفْعِ.

وَالنَّصْبُ أَوْضَحَ مَعْنَاهُ فَمَا لَحِقَهُ مِنْ الدَّرْكِ وَلَمْ يُرِدْ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِقَوْلِهِ فَعَلَى فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ خَلَاصُهُ حَتَّى يُسَلِّمَهُ لَهُ تَخْلِيصُ الْمَبِيعِ لَهُ لَا مَحَالَةَ؛ لِأَنَّهُ شَرْطُ مَا لَا يُمْكِنُهُ الْوَفَاءُ بِهِ عَسَى وَلَكِنْ أَرَادَ بِهِ تَخْلِيصَ الْمَبِيعِ إنْ أَجَازَ الْمُسْتَحِقُّ الْبَيْعَ وَرَدَّ الثَّمَنِ إنْ لَمْ يُجِزْ الْمُسْتَحِقُّ وَهَذَا شَرْطٌ يُمْكِنُ الْوَفَاءُ بِهِ وَقَدْ وَقَعَ فِي بَعْضِ نُسَخِ الشُّرُوطِ عَلَى نَحْوِ مَا بَيَّنَاهُ صَرِيحًا فَقَالَ فَعَلَى فُلَانٍ خَلَاصُ ذَلِكَ حَتَّى يُسَلِّمَهُ إلَيْهِ أَوْ يَرُدَّ الثَّمَنَ عَلَيْهِ قَالَ ثَمَّةَ، وَهَكَذَا كَانَ يَكْتُبُ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَكَانَ يُوسُفُ بْنُ خَالِدٍ السَّمْتِيُّ وَهِلَالٌ يَكْتُبَانِ: فَمَا أَدْرَكَ فِي هَذِهِ الدَّارِ الْمَحْدُودَةِ فِي هَذَا الْكِتَابِ أَوْ فِي شَيْءٍ مِنْهَا أَوْ مِنْ حُقُوقِهَا مِنْ دَرْكٍ مِنْ أَحَدٍ مِنْ النَّاسِ كُلِّهِمْ فَعَلَى فُلَانٍ خَلَاصُ ذَلِكَ كُلِّهِ لِفُلَانِ بْنِ فُلَانٍ حَتَّى يُسَلِّمَهُ أَوْ يُخَلِّصَهُ لَهُ مِنْ كُلِّ دَرْكٍ وَتَبِعَةٍ.

وَكَانَ أَبُو زَيْدٍ الشُّرُوطِيُّ يَكْتُبُ: فَمَا أَدْرَكَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ - يَعْنِي الْمُشْتَرِيَ - فِي ذَلِكَ أَوْ فِي شَيْءٍ مِنْهُ أَوْ فِي حُقُوقِهِ أَوْ فِي شَيْءٍ مِنْ حُقُوقِهِ مِنْ دَرْكٍ فَعَلَى فُلَانٍ - يَعْنِي الْبَائِعَ - تَسْلِيمُ ذَلِكَ عَلَى مَا يُوجِبُهُ لَهُ عَلَيْهِ الْبَيْعُ الْمُسَمَّى فِي هَذَا الْكِتَابِ قَالَ الطَّحَاوِيُّ وَمَا كَتَبَهُ أَبُو زَيْدٍ أَحَبُّ إلَيْنَا مِمَّا كَتَبَهُ يُوسُفُ وَهِلَالٌ؛ لِأَنَّ يُوسُفَ وَهِلَالًا - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - لَمْ يَكْتُبَا الدَّرْكَ مُضَافًا إلَى الْمُشْتَرِي بَلْ أَطْلَقَا فَيَتَنَاوَلُ هَذَا الْمُشْتَرِيَ وَكُلَّ مَنْ يَتَمَلَّكُ هَذِهِ الدَّارَ مِنْ الْمُشْتَرِي بِسَبَبٍ مِنْ الْأَسْبَابِ نَحْوِ الشِّرَاءِ أَوْ الْهِبَةِ أَوْ الصَّدَقَةِ فَيَكُونُ ضَمَانُ الدَّرْكِ مَشْرُوطًا لِهَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَتَمَلَّكُونَ مِنْ جِهَةِ الْمُشْتَرِي عَلَى بَائِعِ الْمُشْتَرَى وَيَكُونُ هَذَا شَرْطُ الرُّجُوعِ لِلْمُشْتَرِي مِنْ هَذَا الْمُشْتَرِي عَلَى بَائِعِ هَذَا الْمُشْتَرَى عِنْدَ وُرُودِ الِاسْتِحْقَاقِ وَعَدَمِ إجَازَةِ الْمُسْتَحِقِّ وَإِنَّمَا يَثْبُتُ حَقُّ الرُّجُوعِ عِنْدَ الِاسْتِحْقَاقِ لِلْمُشْتَرِي عَلَى بَائِعِهِ لَا عَلَى بَائِعِ بَائِعِهِ وَوَارِثُ الْمُشْتَرِي إنَّمَا يَرْجِعُ عَلَى بَائِعِ مُوَرِّثِهِ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ بِبَائِعِهِ؛ لِأَنَّهُ خَلَفٌ عَنْ مُوَرِّثِهِ وَلِهَذَا يَقْضِي مِنْ هَذَا الثَّمَنِ دَيْنَ الْمُوَرِّثِ وَلِهَذَا لَوْ كَانَ عَلَى الْمُشْتَرِي الْمَيِّتِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ كَانَ حَقُّ الرُّجُوعِ بِالثَّمَنِ عِنْدَ الِاسْتِحْقَاقِ لِوَصِيِّ الْمَيِّتِ لَا لِلْوَارِثِ فَلَوْ كُتِبَ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي كَانَ يَكْتُبُ يُوسُفُ وَهِلَالٌ رُبَّمَا يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ شُرِطَ فِي الْبَيْعِ مَا لَا يَقْتَضِيهِ الْبَيْعُ فَيُفْضِي لِفَسَادِ الْبَيْعِ فَيُتَحَرَّزُ عَنْ ذَلِكَ بِإِضَافَةِ الدَّرْكِ إلَى الْمُشْتَرِي وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَكْتُبُ: فَمَا أَدْرَكَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ وَكُلُّ أَحَدٍ بِسَبَبِهِ فَعَلَى فُلَانٍ الْبَائِعِ خَلَاصُهُ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُكْتَبَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ؛ لِأَنَّ أَسْبَابَهُ وَرَثَتُهُ وَالْمُشْتَرُونَ مِنْهُ.

وَالْمُتَصَدِّقُ عَلَيْهِمْ وَالْمَوْهُوبُ لَهُمْ وَسَائِرُ مَنْ يَتَمَلَّكُ الدَّارَ مِنْ جِهَتِهِ وَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّهُ لَا رُجُوعَ لِهَؤُلَاءِ عِنْدَ الِاسْتِحْقَاقِ عَلَى بَائِعِ الْمُشْتَرَى فَإِذَا كُتِبَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَقَدْ شُرِطَ عَلَى الْبَائِعِ مَا لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ فَيَفْسُدُ الْبَيْعُ وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَكْتُبُ: فَعَلَى فُلَانٍ - يَعْنِي الْبَائِعَ - عُهْدَةُ ذَلِكَ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُكْتَبَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ؛ لِأَنَّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -

<<  <  ج: ص:  >  >>