للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْعُهْدَةَ الصَّكُّ الْقَدِيمُ وَأَنَّهُ لَيْسَ بِمُسْتَحَقٍّ لِلْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ عِنْدَ الِاسْتِحْقَاقِ فَإِذَا شُرِطَ ذَلِكَ فِي الْبَيْعِ فَقَدْ شُرِطَ مَا لَا يُلَائِمُ الْعَقْدَ فَيُوجِبُ فَسَادَ الْبَيْعِ قَالَ الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ أَهْلِ الشُّرُوطِ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُكْتَبَ: فَمَا أَدْرَكَ فُلَانُ الْمُشْتَرِي مِنْ دَرْكٍ فَعَلَى فُلَانٍ الْبَائِعِ خَلَاصُ ذَلِكَ حَتَّى يُسَلِّمَهُ إلَيْهِ أَوْ يَرُدَّ الثَّمَنَ وَلَكِنْ يُكْتَبُ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي كَانَ يَكْتُبُ أَبُو زَيْدٍ: فَمَا أَدْرَكَ الْمُشْتَرِي فِي ذَلِكَ أَوْ فِي شَيْءٍ مِنْهُ أَوْ فِي شَيْءٍ مِنْ حُقُوقِهِ مِنْ دَرْكٍ فَعَلَى الْبَائِعِ تَسْلِيمُ مَا يُوجِبُهُ لَهُ عَلَيْهِ الْبَيْعُ الْمُسَمَّى فِي هَذَا الْكِتَابِ.

؛ لِأَنَّ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ خِلَافًا فِي الْمَبِيعِ إذَا اُسْتُحِقَّ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي وَلَمْ يُجِزْ الْمُسْتَحِقُّ الْبَيْعَ مَاذَا يَجِبُ لِلْبَائِعِ بِحُكْمِ الْبَيْعِ؟ فَعِنْدَنَا عَلَيْهِ رَدُّ الثَّمَنِ وَقَالَ عُثْمَانُ الْبَتِّيُّ وَسَوَارُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعَنْبَرِيّ عَلَيْهِ رَدُّ مِثْلِ الدَّارِ الْمَبِيعَةِ فِي مَوْضِعِهَا فِي الرِّفْعَةِ وَالْحَطِّ وَالْقِيمَةِ وَالذَّرْعِ وَالْبِنَاءِ.

وَقَالَ بَعْضُهُمْ عَلَيْهِ رَدُّ قِيمَةِ الدَّارِ الْمَبِيعَةِ سَوَاءٌ كَانَ الثَّمَنُ مِثْلَهَا أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ وَلَمَّا اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ كَانَ الْأَحْوَطُ أَنْ لَا يُكْتَبَ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ عِنْدَ الِاسْتِحْقَاقِ حَتَّى لَا يُبْطِلَهُ قَاضٍ يَرَى خِلَافَ ذَلِكَ وَكَانَ الْمَكْتُوبُ عِنْدَهُ شَرْطًا لَا يُلَائِمُ الْعَقْدَ، وَهَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يُجِزْ الْمُسْتَحِقُّ الْبَيْعَ وَإِنْ أَجَازَ الْمُسْتَحِقُّ الْبَيْعَ فَعَلَى قَوْلِ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ لَا تُعْمَلُ الْإِجَازَةُ أَصْلًا بِنَاءً عَلَى أَنَّ عِنْدَ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ بَيْعُ الْفُضُولِيِّ لَا يَنْعَقِدُ وَلَا يَقِفُ عَلَى الْإِجَازَةِ وَعِنْدَنَا إنْ كَانَتْ الْإِجَازَةُ قَبْلَ قَضَاءِ الْقَاضِي لِلْمُسْتَحِقِّ بِالْعَيْنِ تُعْمَلُ إجَازَتُهُ فَكَانَ عَلَى الْبَائِعِ تَسْلِيمُ الْعَيْنِ إلَيْهِ إلَّا رِوَايَةً رُوِيَتْ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الْخُصُومَةَ مِنْ الْمُسْتَحِقِّ.

وَطَلَبَ الْحُكْمِ مِنْ الْقَاضِي دَلِيلُ النَّقْضِ فَيُنْتَقَضُ بِهِ الْبَيْعُ كَمَا يُنْتَقَضُ بِصَرِيحِ النَّقْضِ وَلَا تُعْمَلُ إجَازَةُ الْمُسْتَحِقِّ بَعْدَ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَتْ الْإِجَازَةُ بَعْدَ قَضَاءِ الْقَاضِي فَقَدْ ذُكِرَ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ أَنَّ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا تُعْمَلُ الْإِجَازَةُ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ يَنْفَسِخُ بِقَضَاءِ الْقَاضِي بِالْعَيْنِ لِلْمُسْتَحِقِّ وَعَلَى قَوْلِهِمَا تُعْمَلُ الْإِجَازَةُ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ عِنْدَهُمَا لَا يَنْفَسِخُ بِالِاسْتِحْقَاقِ وَبِقَضَاءِ الْقَاضِي بِالْعَيْنِ لِلْمُسْتَحِقِّ، هَكَذَا ذُكِرَ فِي بَعْضِ الْكُتُبِ وَقَدْ كَتَبَ فِي شَرْحِ الزِّيَادَاتِ أَنَّ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لَا يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ وَتُعْمَلُ إجَازَةُ الْمُسْتَحِقِّ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ أَخْذَ الْمُسْتَحِقِّ الْعَيْنَ بِحُكْمِ الْقَاضِي دَلِيلُ النَّقْضِ فَيُنْتَقَضُ بِهِ الْبَيْعُ فَلَا تُعْمَلُ إجَازَةُ الْمُسْتَحِقِّ بَعْدَ ذَلِكَ فَعَلَى قَوْلِ مَنْ يَقُولُ بِأَنَّ الْعَقْدَ يَنْفَسِخُ وَلَا تُعْمَلُ إجَازَةُ الْمُسْتَحِقِّ.

فَإِذَا شُرِطَ تَسْلِيمُ الدَّارِ فَإِنَّمَا يُمْكِنُهُ التَّسْلِيمُ إذَا اشْتَرَى الدَّارَ مِنْ الْمُسْتَحِقِّ ثُمَّ يُسَلِّمُهَا إلَيْهِ وَالشَّرْطُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ يُفْسِدُ الْعَقْدَ فَكَانَ الْأَحْوَطُ أَنْ يُكْتَبَ: فَعَلَيْهِ تَسْلِيمُ مَا يُوجِبُهُ لَهُ الْبَيْعُ الْمُسَمَّى فِي هَذَا الْكِتَابِ، وَكَذَلِكَ لَا يُكْتَبُ: فَعَلَيْهِ رَدُّ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّهُ إنْ وَرَدَ الِاسْتِحْقَاقُ عَلَى كُلِّ الدَّارِ فَعِنْدَنَا يَجِبُ رَدُّ كُلِّ الثَّمَنِ وَعِنْدَ بَعْضِ الْمُخَالِفِينَ يَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّ مِثْلِ تِلْكَ الدَّارِ صُورَةً وَمَعْنًى وَعِنْدَ بَعْضِهِمْ تَجِبُ قِيمَةُ تِلْكَ الدَّارِ إنْ وَرَدَ الِاسْتِحْقَاقُ عَلَى جَمِيعِ الدَّارِ، وَإِنْ وَرَدَ الِاسْتِحْقَاقُ عَلَى بَعْضِ الدَّارِ فَهُوَ عَلَى وَجْهَيْنِ إنْ وَرَدَ الِاسْتِحْقَاقُ عَلَى شَيْءٍ لَا بِعَيْنِهِ نَحْوِ الثُّلُثِ وَالرُّبْعِ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ عِنْدَنَا إنْ شَاءَ رَدَّ مَا بَقِيَ وَرَجَعَ عَلَى الْبَائِعِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَ مَا بَقِيَ وَرَجَعَ عَلَى الْبَائِعِ بِثَمَنِ الْمُسْتَحَقِّ وَإِنْ وَرَدَ الِاسْتِحْقَاقُ عَلَى شَيْءٍ بِعَيْنِهِ فَإِنْ كَانَ قَبْلَ الْقَبْضِ فَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ عَلَى نَحْوِ مَا ذَكَرْنَا وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْقَبْضِ فَلَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي وَيَرْجِعُ بِثَمَنِ الْمُسْتَحَقِّ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ اشْتَرَى شَيْئَيْنِ وَاسْتُحِقَّ أَحَدُهُمَا بَعْدَ الْقَبْضِ.

هَكَذَا ذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي شُرُوطِهِ وَقَالَ الْخَصَّافُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَمْسَكَ الْبَاقِيَ وَرَجَعَ بِثَمَنِ الْمُسْتَحَقِّ وَإِنْ شَاءَ رَدَّ الْمَبِيعَ وَرَجَعَ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَعَلَى قَوْلِ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ: يَفْسُدُ الْبَيْعُ فِي الْكُلِّ وَعَلَيْهِ رَدُّ الثَّمَنِ فَعَلَى قَوْلِ مَنْ يَقُولُ الْوَاجِبُ رَدُّ مِثْلِ تِلْكَ الدَّارِ وَعَلَى قَوْلِ مَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>