للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَقُولُ الْوَاجِبُ رَدُّ قِيمَةِ الدَّارِ كَانَ اشْتِرَاطُ الثَّمَنِ شَرْطًا لَا يُلَائِمُ الْعَقْدَ فَيَفْسُدُ بِهِ الْعَقْدُ فَلَا يُكْتَبُ ذَلِكَ تَحَرُّزًا عَنْ قَوْلِهِ: وَعِنْدَنَا الْوَاجِبُ رَدُّ جَمِيعِ الثَّمَنِ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ وَرَدُّ بَعْضِ الثَّمَنِ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ فَإِذَا اشْتَرَطْنَا عَلَيْهِ رَدَّ جَمِيعِ الثَّمَنِ مُطْلَقًا فَقَدْ شَرَطْنَا عَلَيْهِ شَرْطًا يُخَالِفُ مُقْتَضَى الْعَقْدِ فَيُوجِبُ فَسَادَ الْعَقْدِ أَمَّا إذَا كَتَبْنَا: فَعَلَى الْبَائِعِ تَسْلِيمُ مَا يُوجِبُهُ لَهُ عَلَيْهِ الْبَيْعُ الْمُسَمَّى فِي هَذَا الْكِتَابِ فَأَيُّ شَيْءٍ يُقْضَى بِهِ عَلَى الْبَائِعِ إذَا وَرَدَ الِاسْتِحْقَاقُ وَلَمْ يُجِزْ الْمُسْتَحِقُّ الْبَيْعَ كَانَ ذَلِكَ مُوجِبَ هَذَا الْبَيْعِ عِنْدَ الْكُلِّ كَمَا كُتِبَ فِي الْكِتَابِ فَلَا يَكُونُ لِأَحَدٍ مِنْ الْقُضَاةِ إبْطَالُ هَذَا الْبَيْعِ مَتَى رُفِعَ إلَيْهِ فَكَانَ هَذَا أَحْوَطُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَكَانَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - يَكْتُبَانِ بَعْدَمَا كَتَبْنَا الدَّرْكَ فَعَلَى فُلَانٍ خَلَاصُهُ حَتَّى يُسَلِّمَهُ لَهُ أَوْ يَرُدَّ الثَّمَنَ عَلَيْهِ مَعَ قِيمَةِ مَا يُحْدِثُ فُلَانٌ - يَعْنِي الْمُشْتَرِيَ - أَوْ يُحْدَثُ لَهُ بِأَمْرِهِ يَعْنِي بِأَمْرِ الْبَائِعِ مِنْ بِنَاءٍ وَغَرْسٍ وَزَرْعٍ إنَّمَا كَتَبْنَا ضَمَانَ قِيمَةِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ؛ لِأَنَّ عَلَى قَوْلِ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ إنَّمَا يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِقِيمَةِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ بَعْدَ الِاسْتِحْقَاقِ إذَا ضَمِنَ الْبَائِعُ ذَلِكَ.

أَمَّا إذَا لَمْ يَضْمَنْ الْبَائِعُ فَلَا وَإِنَّمَا كَتَبْنَا بِأَمْرِ الْبَائِعِ؛ لِأَنَّ بَعْضَ فُقَهَاءِ الْمَدِينَةِ يَقُولُ الْبَائِعُ وَإِنْ ضَمِنَ لِلْمُشْتَرِي قِيمَةَ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ فَإِنَّمَا يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَيْهِ بِذَلِكَ إذَا أَمَرَ الْبَائِعُ بِذَلِكَ فَكَتَبْنَا ضَمَانَ الْبَائِعِ وَأَمْرَهُ بِذَلِكَ تَحَرُّزًا عَنْ قَوْلِ هَؤُلَاءِ وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَكْتُبُ مَا يُحْدِثُ فُلَانٌ الْمُشْتَرِي مِنْ بِنَاءٍ وَغَرْسٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَهَذَا لَيْسَ بِصَوَابٍ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ قَدْ يُحْدِثُ فِي الدَّارِ مَا لَا يَكُونُ لَهُ رُجُوعٌ بِقِيمَةِ ذَلِكَ عِنْدَ الِاسْتِحْقَاقِ نَحْوُ حَفْرِ الْبِئْرِ وَتَنْقِيَةِ الْبَالُوعَةِ وَالْمَخْرَجِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا لَا يُمْكِنُ تَسْلِيمُهُ إلَى الْبَائِعِ فَإِذَا شَرَطَ ذَلِكَ عَلَى الْبَائِعِ فَقَدْ شَرَطَ مَا لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ وَلِأَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ فِيهِ مَنْفَعَةٌ وَكَانَ الطَّحَاوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ الْأَحْوَطُ أَنْ لَا يُكْتَبَ قِيمَةُ مَا يُحْدِثُ الْمُشْتَرِي وَلَكِنْ يُكْتَبُ: فَمَا أَدْرَكَ فُلَانُ بْنُ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ فِي هَذِهِ الدَّارِ الْمَحْدُودَةِ أَوْ فِي شَيْءٍ مِنْ حُقُوقِهَا أَوْ فِيمَا يُحْدِثُهُ مِنْ بِنَاءٍ أَوْ غَرْسٍ أَوْ زَرْعٍ فَعَلَى الْبَائِعِ تَسْلِيمُ مَا يُوجِبُهُ لَهُ عَلَيْهِ الْبَيْعُ الْمُسَمَّى فِي هَذَا الْكِتَابِ حَتَّى يُسَلَّمَ ذَلِكَ إلَى فُلَانٍ.

؛ لِأَنَّ الْعُلَمَاءَ اخْتَلَفُوا فِي الدَّارِ الْمَبِيعَةِ إذَا اُسْتُحِقَّتْ بَعْدَمَا بَنَى الْمُشْتَرِي فِيهَا بِنَاءً أَوْ غَرَسَ أَوْ زَرَعَ فَلِأَصْحَابِنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - فِيهِ رِوَايَتَانِ فِي رِوَايَةٍ شَاذَّةٍ قَالُوا الْبَائِعُ إذَا كَانَ حَاضِرًا فَالْمُشْتَرِي يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِقِيمَةِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ قَائِمًا وَيَكُونُ الْبِنَاءُ وَالْغَرْسُ وَالزَّرْعُ لِلْبَائِعِ بِمَا ضَمِنَ مِنْ الْقِيمَةِ لِلْمُشْتَرِي ثُمَّ الْمُسْتَحِقُّ بَعْدَ هَذَا بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَ الْبَائِعَ بِقَلْعِ ذَلِكَ وَرَفْعِهِ عَنْ أَرْضِهِ وَإِنْ شَاءَ حَبَسَهُ لِنَفْسِهِ وَغَرِمَ لَهُ قِيمَتَهُ مَقْلُوعًا وَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ غَائِبًا كَانَ لِلْمُسْتَحِقِّ أَنْ يَأْخُذَ الْمُشْتَرِيَ حَتَّى يَرْفَعَ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ عَنْ أَرْضِهِ وَلَا يَنْتَظِرُ قُدُومَ الْبَائِعِ فَإِذَا قَلَعَهُ الْمُشْتَرِي عَنْ أَرْضِهِ سَلَّمَهُ الْمُشْتَرِي إلَى الْبَائِعِ إذَا قَدَرَ عَلَيْهِ يَوْمًا مِنْ الدَّهْرِ وَضَمَّنَهُ قِيمَتَهُ مَقْلُوعًا؛ لِأَنَّهُ سَلَّمَ إلَيْهِ كَذَلِكَ وَإِنْ شَاءَ الْمُسْتَحِقُّ مَنَعَ الْمُشْتَرِيَ عَنْ قَلْعِ ذَلِكَ وَحَبَسَ ذَلِكَ لِنَفْسِهِ وَغَرِمَ لَهُ قِيمَتَهُ مَقْلُوعًا وَلَمْ يَرْجِعْ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِشَيْءٍ غَيْرِ الثَّمَنِ الَّذِي أَعْطَاهُ.

وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ قَالُوا الْمُسْتَحِقُّ إذَا أَخَذَ الْمُشْتَرِيَ بِرَفْعِ الْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ وَالزَّرْعِ فَالْمُشْتَرِي يَرْفَعُ ذَلِكَ عَنْ أَرْضِهِ وَيَكُونُ النَّقْضُ لَهُ ثُمَّ لَهُ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ دَفَعَ النَّقْضَ إلَى الْبَائِعِ وَرَجَعَ عَلَيْهِ بِقِيمَتِهِ قَائِمًا.

وَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَ النَّقْضَ لِنَفْسِهِ وَلَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْبَائِعِ بِشَيْءٍ فَإِذَا كَانَ عِنْدَنَا يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ دُونَ الْبَعْضِ فَإِذَا كَتَبْنَا الرُّجُوعَ مُطْلَقًا فَقَدْ أَثْبَتْنَا حَقَّ الرُّجُوعِ فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ وَأَنَّهُ شَرْطٌ لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ وَلِأَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ فِيهِ مَنْفَعَةٌ فَيُوجِبُ فَسَادَ الْعَقْدِ عِنْدَنَا وَزَعَمَ بَعْضُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا بَنَى وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ الدَّارَ مِلْكُ الْمُسْتَحِقِّ حَتَّى كَانَ بَانِيًا عَلَى غُرُورٍ وَجَهَالَةٍ ثُمَّ ظَهَرَ الْمُسْتَحِقُّ فَالْقَاضِي يَقُولُ لِلْمُسْتَحِقِّ أَنْتَ

<<  <  ج: ص:  >  >>