للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالْخِيَارِ إنْ شِئْتَ أَعْطَيْتَ الْمُشْتَرِيَ قِيمَةَ بِنَائِهِ مَبْنِيًّا؛ لِأَنَّهُ بَنَاهُ عَلَى غُرُورٍ وَجَهَالَةٍ وَالْبِنَاءُ لَكَ وَإِنْ شِئْتَ لَمْ تَضْمَنْ لَهُ قِيمَتَهُ وَيَكُونُ الْمُشْتَرِي شَرِيكَكَ وَلَا يُؤْمَرُ الْمُشْتَرِي بِرَفْعِ الْبِنَاءِ وَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْبَائِعِ.

وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي يَعْلَمُ أَنَّ الدَّارَ مِلْكُ الْمُسْتَحِقِّ وَمَعَ ذَلِكَ بَنَى فَلِلْمُسْتَحِقِّ أَنْ يَأْخُذَ الْبِنَاءَ مِنْ الْمُشْتَرِي بِقِيمَتِهِ مَقْلُوعًا وَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَى الْبَائِعِ فِي قَوْلِ هَؤُلَاءِ فَإِذَا شَرَطْنَا رُجُوعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ فَقَدْ شَرَطْنَا شَرْطًا لَا يُلَائِمُ مُوجِبَ الْعَقْدِ عَلَى قَوْلِ هَؤُلَاءِ فَيُوجِبُ فَسَادَ الْعَقْدِ وَمِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ لَا رُجُوعَ لِلْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِقِيمَةِ مَا يُحْدِثُ فَكَانَ هَذَا شَرْطًا لَا يُلَائِمُ مُوجِبَ الْعَقْدِ عَلَى قَوْلِهِ أَيْضًا فَيَجِبُ التَّحَرُّزُ عَنْ كِتَابَةِ قِيمَةِ مَا يُحْدِثُهُ الْمُشْتَرِي صِيَانَةً لِلْعَقْدِ عَنْ الْفَسَادِ عِنْدَنَا وَعِنْدَ غَيْرِنَا وَلَكِنْ يُكْتَبُ: فَعَلَى الْبَائِعِ تَسْلِيمُ مَا يُوجِبُهُ لَهُ عَلَيْهِ الْبَيْعُ الْمُسَمَّى فِي هَذَا الْكِتَابِ حَتَّى يُسَلِّمَهُ إلَى الْمُشْتَرِي فُلَانٍ حَتَّى إذَا رُفِعَ إلَى قَاضٍ مِنْ الْقُضَاةِ لَا يَقْضِي بِفَسَادِ هَذَا الْبَيْعِ وَيَقْضِي عَلَى الْبَائِعِ بِمَا يُوجِبُهُ الْبَيْعُ الْمُسَمَّى فِي هَذَا الْكِتَابِ عَلَى مَذْهَبِهِ إلَّا أَنَّ مَا قَالَهُ الطَّحَاوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ كَانَ يَحْصُلُ صِيَانَةُ الْعَقْدِ عَنْ الْفَسَادِ لَا يَحْصُلُ صِيَانَةُ حَقِّ الْمُشْتَرِي فِيمَا يُحْدِثُ مِنْ بِنَاءٍ وَغَرْسٍ وَزَرْعٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكْتُبْ مَا أَدْرَكَهُ فِي ذَلِكَ أَوْ فِي شَيْءٍ مِنْهُ بِأَمْرِ الْبَائِعِ وَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ ذَلِكَ عِنْدَ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَكَذَلِكَ لَمْ يَكْتُبْ مِقْدَارَ الضَّمَانِ فِيمَا يَجِبُ عَلَى الْبَائِعِ مِنْ قِيمَةِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ وَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ ذَلِكَ لِصِحَّةِ الضَّمَانِ وَلِرُجُوعِ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ عِنْدَ ابْنِ أَبِي لَيْلَى؛ لِأَنَّ عِنْدَهُ لَا يَصِحُّ الضَّمَانُ مَا لَمْ يَكُنْ قَدْرُ الْمَضْمُونِ بِهِ مَعْلُومًا فَالْحِيلَةُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَكْتُبَ لِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ كِتَابًا عَلَى حِدَةٍ أَوْ يَكْتُبَ ضَمَانَ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ فِي صَكِّ الشِّرَاءِ وَيَكْتُبَ أَنَّ هَذَا الضَّمَانَ مِنْ الْبَائِعِ لَمْ يَكُنْ مَشْرُوطًا فِي هَذَا الْبَيْعِ وَإِنَّمَا ضَمِنَ ذَلِكَ بَعْدَ الْبَيْعِ.

وَيَذْكُرَ قَدْرَ قِيمَةِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ فَيَقُولَ مِنْ دِرْهَمٍ إلَى أَلْفٍ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، يَذْكُرُ مِقْدَارًا يَتَيَقَّنُ أَنَّهُ لَا تَزِيدُ قِيمَةُ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ عَلَى ذَلِكَ فَيَقَعُ التَّحَرُّزُ عَنْ فَسَادِ الْعَقْدِ وَتَحْصُلُ صِيَانَةُ حَقِّ الْمُشْتَرِي فِيمَا يُحْدِثُ مِنْ بِنَاءٍ وَغَرْسٍ وَزَرْعٍ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ قَالَ مُحَمَّدٌ وَشَهِدَ: أَيْ شَهِدَ عَلَيْهِ الشُّهُودُ الْمُسَمَّوْنَ، وَمِنْ أَهْلِ الشُّرُوطِ مَنْ يَكْتُبُ هَذَا اللَّفْظَ فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ فَيَقُولُ هَذَا مَا شَهِدَ عَلَيْهِ الشُّهُودُ وَالْأَحْسَنُ عِنْدَنَا أَنْ يَذْكُرَهُ فِي آخِرِ الْكِتَابِ؛ لِأَنَّ الشُّهُودَ إنَّمَا يَكْتُبُونَ شَهَادَتَهُمْ فِي آخِرِ الْكِتَابِ فَالْأَحْسَنُ ذِكْرُ هَذَا اللَّفْظِ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يُثْبِتُ الشُّهُودُ فِيهِ أَسَامِيَهُمْ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَاقْتَصَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَلَيْهِ وَلَمْ يَذْكُرْ شَيْئًا آخَرَ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - كَانَا يَقْتَصِرَانِ عَلَى هَذَا أَيْضًا وَهُوَ: وَشَهِدَ، وَأَهْلُ الشُّرُوطِ كَيُوسُفَ بْنِ خَالِدٍ وَهِلَالٍ وَأَبِي زَيْدٍ زَادُوا عَلَى هَذَا فَيُوسُفُ بْنُ خَالِدٍ وَهِلَالٌ كَتَبَا شَهِدَ الشُّهُودُ الْمُسَمَّوْنَ عَلَى فُلَانٍ وَفُلَانٍ بِجَمِيعِ مَا فِي هَذَا الْكِتَابِ وَعَلَى إقْرَارِهِمَا بِمَعْرِفَتِهِمَا جَمِيعَ مَا سُمِّيَ فِي هَذَا الْكِتَابِ فِي صِحَّةٍ مِنْهُمَا وَجَوَازِ أَمْرِهِمَا وَذَلِكَ فِي شَهْرِ كَذَا فِي سَنَةِ كَذَا وَأَبُو زَيْدٍ كَتَبَ وَشَهِدَ الشُّهُودُ الْمُسَمَّوْنَ عَلَى إقْرَارِ فُلَانٍ وَفُلَانٍ بِجَمِيعِ مَا سُمِّيَ وَوُصِفَ فِي كِتَابِنَا وَعَلَى مَعْرِفَتِهِمَا جَمِيعًا بِجَمِيعِ مَا فِيهِ بَعْدَ أَنْ قُرِئَ عَلَيْهِمَا وَأَقَرَّا أَنَّهُمَا قَدْ فَهِمَاهُ حَرْفًا حَرْفًا وَأَشْهَدَاهُمْ بِجَمِيعِ مَا فِي هَذَا الْكِتَابِ عَلَى أَنْفُسِهِمَا فِي صِحَّةٍ مِنْ عُقُولِهِمَا وَأَبْدَانِهِمَا وَجَوَازِ أُمُورِهِمَا طَائِعَيْنِ غَيْرَ مُكْرَهَيْنِ لَا يُوَلَّى عَلَيْهِمَا فِي شَيْءٍ مِنْ أُمُورِهِمَا وَهُمَا مَأْمُورَانِ عَلَى أَمْوَالِهِمَا غَيْرُ مَحْجُورٍ عَلَيْهِمَا وَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَلَا عِلَّةَ لَهُمَا مِنْ مَرَضٍ وَغَيْرِهِ وَكَتَبَ فِي شَهْرِ كَذَا مِنْ سَنَةِ كَذَا وَيُوسُفُ بْنُ خَالِدٍ وَهِلَالٌ اخْتَارَا كِتَابَةَ شَهَادَتِهِمْ عَلَى الْإِثْبَاتِ بِجَمِيعِ مَا فِي الْكِتَابِ وَأَبُو زَيْدٍ اخْتَارَ كِتَابَةَ شَهَادَتِهِمْ عَلَى إقْرَارِ الْمُتَبَايِعَيْنِ بِجَمِيعِ مَا فِي الْكِتَابِ وَمِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ مَشَايِخِنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - مَنْ يَقُولُ بِأَنَّ الْكِتَابَ يَشْتَمِلُ عَلَى مَا يَقِفُ عَلَيْهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>