للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشُّهُودُ حَقِيقَةً.

وَهُوَ لَفْظُ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَقَبْضُ الثَّمَنِ وَقَبْضُ الْمَبِيعِ وَتَفَرُّقُ الْمُتَعَاقِدَيْنِ بِأَبْدَانِهِمَا وَضَمَانُ الدَّرْكِ وَغَيْرُ ذَلِكَ وَعَلَى مَا لَا يَقِفُ عَلَيْهِ الشُّهُودُ حَقِيقَةً وَهُوَ انْتِفَاءُ مَعْنَى التَّلْجِئَةِ وَالسُّمْعَةِ فِي الْبَيْعِ وَتَقْرِيرِ الثَّمَنِ لِجَوَازِ أَنْ يَتَوَاضَعَا أَنَّ الْبَيْعَ تَلْجِئَةً وَيُظْهِرَا أَنَّ الْبَيْعَ فِي الْعَلَانِيَةِ رِيَاءً وَسُمْعَةً وَيَتَوَاضَعَا فِي السِّرِّ أَنَّ الثَّمَنَ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَيُظْهِرَا فِي الْعَلَانِيَةِ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ، وَكَذَلِكَ رُؤْيَةُ الْمُتَبَايِعَيْنِ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَقِفُ عَلَيْهِ الشُّهُودُ حَقِيقَةً؛ لِأَنَّ الشَّاهِدَ لَا يَقِفُ عَلَى رُؤْيَةِ غَيْرِهِ سِوَى أَنَّهُ يَنْظُرُ أَنَّهُ أَقْبَلَ إلَيْهِ بِبَصَرِهِ وَرُبَّمَا يُقْبِلُ الْإِنْسَانُ بِبَصَرِهِ عَلَى شَيْءٍ وَلَا يَقِفُ عَلَيْهِ وَلَا يَرَاهُ، وَكَذَلِكَ تَفَاهُمُهُمَا مَا فِي الْكِتَابِ مِمَّا لَا يَقِفُ الشُّهُودُ عَلَيْهِ حَقِيقَةً وَإِنَّمَا يَعْرِفُ الشُّهُودُ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ بِإِقْرَارِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ بِهَا وَإِنَّمَا يَصِحُّ تَحَمُّلُ الشَّهَادَةِ عَلَى مَا تَحْصُلُ بِهِ مَعْرِفَةُ الْمَشْهُودِ بِهِ لِلشَّاهِدِ فِيمَا كَانَ لِلشُّهُودِ وُقُوفًا عَلَيْهِ حَقِيقَةً يَكْتُبُ شَهَادَتَهُمْ عَلَى الْإِثْبَاتِ فِيهِ؛ لِأَنَّهُمْ قَدْ وَقَفُوا عَلَيْهِ بِالْحَقِيقَةِ وَمَا لَا وُقُوفَ لِلشَّاهِدِ عَلَيْهِ حَقِيقَةً يَكْتُبُ شَهَادَتَهُمْ فِيهِ عَلَى إقْرَارِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ بِهِ فَيَكْتُبُ شَهِدَ الشُّهُودُ الْمُسَمَّوْنَ بِجَمِيعِ مَا فِي هَذَا الْكِتَابِ مَا يُمْكِنُهُمْ أَنْ يَقِفُوا عَلَى حَقِيقَتِهِ وَعَلَى إقْرَارِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ بِمَا لَمْ يَقِفُوا عَلَى حَقِيقَتِهِ ثُمَّ إنَّ يُوسُفَ بْنَ خَالِدٍ وَهِلَالًا - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - كَتَبَا فِي صِحَّةٍ مِنْهُمَا وَجَوَازِ أَمْرِهِمَا وَأَبُو زَيْدٍ كَتَبَ فِي صِحَّةٍ مِنْ عَقْلِهِمَا وَجَوَازِ أَمْرِهِمَا وَالطَّحَاوِيُّ كَتَبَ فِي صِحَّةِ عَقْلِهِمَا وَجَوَازِ أَمْرِهِمَا وَمَا كَتَبَهُ الطَّحَاوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَوْثَقُ وَأَحْوَطُ.

وَهَلْ يَكْتُبُ مَعْرِفَةَ الشُّهُودِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ بِوَجْهِهِمَا وَأَسْمَائِهِمَا وَأَنْسَابِهِمَا وَالسَّمْتِيُّ وَهِلَالٌ كَانَا لَا يَكْتُبَانِ ذَلِكَ، وَغَيْرُهُمَا كَانَ يَكْتُبُ ذَلِكَ وَبَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ مَشَايِخِنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - قَالُوا إنْ كَانَ الْمُتَبَايِعَانِ مَعْرُوفَيْنِ عِنْدَ النَّاسِ مَشْهُورَيْنِ لَا حَاجَةَ إلَى كِتَابَةِ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَا غَيْرَ مَشْهُورَيْنِ فَلَا بُدَّ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُمْ يَحْتَاجُونَ إلَى أَدَاءِ الشَّهَادَةِ عَلَيْهِمَا بِحَضْرَتِهِمَا فَلَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَتِهِمْ إيَّاهُمَا بِوُجُوهِهِمَا لِيُمْكِنَهُمْ أَدَاءُ الشَّهَادَةِ عَلَيْهِمَا وَعِنْدَ غَيْبَتِهِمَا وَمَوْتِهِمَا يَحْتَاجُونَ إلَى أَدَاءِ الشَّهَادَةِ بِاسْمِهِمَا وَنَسَبِهِمَا فَلَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَةِ اسْمِهِمَا وَنَسَبِهِمَا وَلَا يَجُوزُ الِاعْتِمَادُ عَلَى إقْرَارِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ فَعَسَى يُسَمِّي كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نَفْسَهُ وَنَسَبَهُ بِاسْمِ غَيْرِهِ وَنَسَبِهِ يُرِيدُ أَنْ يُزَوِّرَ عَلَى الشُّهُودِ لِيَخْرُجَ الْمَبِيعُ عَنْ مِلْكِ الْغَيْرِ فَالِاعْتِمَادُ عَلَى قَوْلِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ فِي اسْمِهِمَا وَنَسَبِهِمَا يُؤَدِّي إلَى إبْطَالِ مِلْكِ غَيْرِهِمَا عَسَى، وَهَذَا فَصْلٌ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ عَنْهُ غَافِلُونَ فَإِنَّهُمْ يَسْتَمِعُونَ لَفْظَ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالْإِقْرَارِ بِالتَّقَابُضِ مِنْ رَجُلَيْنِ لَا يَعْرِفُونَهُمَا ثُمَّ إذَا اُسْتُشْهِدُوا بَعْدَ مَوْتِ صَاحِبِ الْمَبِيعِ يَشْهَدُونَ عَلَى ذَلِكَ الِاسْمِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ عِلْمٌ بِذَلِكَ فَيَجِبُ التَّحَرُّزُ عَنْ ذَلِكَ صِيَانَةً لِأَمْلَاكِ النَّاسِ عَنْ الْإِبْطَالِ وَصِيَانَةً لِنَفْسِهِ عَنْ الْكَذِبِ وَالْمُجَازَفَةِ ثُمَّ طَرِيقُ عِلْمِ الشَّاهِدِ بِالنَّسَبِ إخْبَارُ جَمَاعَةٍ لَا يُتَصَوَّرُ اجْتِمَاعُهُمْ عَلَى الْكَذِبِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. وَعِنْدَهُمَا الطَّرِيقُ شَهَادَةُ رَجُلَيْنِ أَوْ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ فَإِذَا أَرَادَ تَحَمُّلَ الشَّهَادَةِ عَلَى النَّسَبِ وَيَلْحَقُهُ الْحَرَجُ فِي إحْضَارِ تِلْكَ الْجَمَاعَةِ الَّتِي شَرَطَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - شَهَادَتَهُمْ لِحُصُولِ الْعِلْمِ يَنْبَغِي أَنْ يَشْهَدَ عِنْدَ الشُّهُودِ شَاهِدَانِ عَلَى نَسَبِهِمَا وَشَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى شَهَادَتِهِمَا حَتَّى إذَا احْتَاجُوا إلَى أَدَاءِ الشَّهَادَةِ شَهِدُوا عَلَى شَهَادَتِهِمَا بِالنَّسَبِ وَشَهِدُوا عَلَى مَا فِي الْكِتَابِ بِشَهَادَةِ أَنْفُسِهِمَا وَفِي تَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ عَلَى الْمَرْأَةِ لَا بُدَّ مِنْ رُؤْيَةِ وَجْهِهَا عِنْدَ بَعْضِ الْمَشَايِخِ وَبِتَعْرِيفِ الشُّهُودِ أَنَّهَا فُلَانَةُ لَا يَحِلُّ أَدَاءُ الشَّهَادَةِ عَلَيْهَا وَأَمَّا حَالَ غَيْبَتِهَا أَوْ مَوْتِهَا إذَا احْتَاجَ الشُّهُودُ إلَى الشَّهَادَةِ بِالِاسْمِ وَالنَّسَبِ فَطَرِيقُ صِحَّةِ التَّحَمُّلِ مَا ذَكَرْنَا فِي الرَّجُلِ الْمَجْهُولِ مِنْ شَهَادَةِ جَمَاعَةٍ لَا يُتَصَوَّرُ اجْتِمَاعُهُمْ عَلَى الْكَذِبِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَشَهَادَةُ شَاهِدَيْنِ عِنْدَهُمَا وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذَا الْفَصْلَ بِتَمَامِهِ فِي كِتَابِ الشَّهَادَاتِ.

(إذَا كَانَ

<<  <  ج: ص:  >  >>