للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى نَحْوِ مَا بَيَّنَا (الْوَجْهُ الثَّالِثُ) أَنْ يَشْتَرِيَ الْحَائِطَ مُطْلَقًا وَالْحُكْمُ فِيهِ أَنَّهُ يُدْخِلُ مَا تَحْتَ الْحَائِطِ مِنْ الْأَرْضِ فِي الْبَيْعِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ الْأَعْلَى، قَوْلُ الْخَصَّافِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَيَكْتُبُ الْحَائِطَ بِأَرْضِهِ وَيُلْحِقُ بِآخِرِهِ حُكْمَ الْحَاكِمِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

(فَإِنْ كَانَ الْمَبِيعُ بِنَاءً دُونَ أَرْضٍ) كَتَبَ جَمِيعَ بِنَاءِ الدَّارِ وَيَحُدُّ الدَّارَ ثُمَّ يَقُولُ اشْتَرَى مِنْهُ جَمِيعَ بِنَاءِ هَذِهِ الدَّارِ وَالْبُيُوتِ وَالْأَبْوَابِ وَالسُّقُوفِ وَالْحِيطَانِ وَالرُّفُوفِ وَالْجُذُوعِ وَالْعَوَارِضِ وَالسِّهَامِ والبواري والهرادي وَجَمِيعَ مَا فِي هَذَا الْبِنَاءِ مِنْ اللَّبِنِ وَالْآجُرِّ وَالطِّينِ وَالتُّرَابِ مِنْ أَقْصَى أُسِّ هَذَا الْبِنَاءِ إلَى مُنْتَهَى سُمْكِهِ دُونَ أَرْضِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَثْنِ الْأَرْضَ جَازَ؛ لِأَنَّ الْبِنَاءَ لَا يَسْتَتْبِعُ الْأَرْضَ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَلَكِنْ إنَّمَا يَكْتُبُ لِيَكُونَ أَوْثَقَ وَآكَدَ وَيَجُوزُ أَنْ يَكْتُبَ اشْتَرَى مِنْهُ جَمِيعَ الدَّارِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى الْبُيُوتِ الَّتِي هِيَ بِمَوْضِعِ كَذَا وَيَكْتُبُ بَعْدَ ذِكْرِ الْحُدُودِ فَاشْتَرَى هَذِهِ الدَّارَ الْمَحْدُودَةَ فِيهِ بِبِنَائِهَا كُلَّهَا سُفْلَهَا وَعُلُوَّهَا دُونَ أَرْضِهَا فَإِنَّهَا لَمْ تَدْخُلْ فِي هَذَا الْبَيْعِ وَلَا يَكْتُبُ فِي هَذَا بِحُدُودِهَا ثُمَّ الْحَالُ لَا تَخْلُو، أَمَّا إنْ كَانَتْ أَرْضُ هَذِهِ الدَّارِ لِهَذَا الْمُشْتَرِي وَفِي يَدَيْهِ يَكْتُبُ فِي آخِرِهِ قَبْلَ ذِكْرِ الْإِشْهَادِ: وَأَقَرَّ هَذَا الْبَائِعُ أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِي أَرْضِ هَذِهِ الدَّارِ وَأَنَّهَا بِجَمِيعِ حُدُودِهَا وَحُقُوقِهَا فِي يَدِ هَذَا الْمُشْتَرِي دُونَهُ وَدُونَ سَائِرِ النَّاسِ أَجْمَعِينَ وَأَنَّ جَمِيعَ مَا كَانَ لَهُ عَلَيْهَا أَوْ عَلَى شَيْءٍ مِنْهَا قَبْلَ هَذَا الْبَيْعِ الْمَذْكُورِ فِيهِ فَإِنَّمَا ذَلِكَ كُلُّهُ لِهَذَا الْمُشْتَرِي بِأَمْرِ حَقٍّ وَاجِبٍ لَازِمٍ عَرَّفْتُهُ لَهُ وَجَعَلَ إلَى هَذَا الْمُشْتَرِي جَمِيعَ مَا وَجَبَ وَيَجِبُ لَهُ مِنْ حَقٍّ فِي هَذِهِ الدَّارِ فِي حَيَاتِهِ وَبَعْدَ وَفَاتِهِ أَقَامَهُ فِيهِ مَقَامَ نَفْسِهِ عَلَى أَنَّهُ كُلَّمَا فَسَخَ شَيْئًا مِمَّا جَعَلَهُ إلَى هَذَا الْمُشْتَرِي مِمَّا وُصِفَ فِيهِ فَإِنَّ ذَلِكَ إلَى فُلَانٍ الْمُشْتَرِي، هَذَا عِنْدَ فَسْخِهِ ذَلِكَ وَبَعْدَ فَسْخِهِ إيَّاهُ كَمَا كَانَ وَقَبِلَ هَذَا الْمُشْتَرِي جَمِيعَ مَا أَقَرَّ لَهُ بِهِ وَجَمِيعَ مَا يَجْعَلُهُ إلَيْهِ مِمَّا ذُكِرَ فِيهِ مُشَافَهَةً مُوَاجَهَةً وَإِنْ لَمْ تَكُنْ أَرْضُ هَذِهِ الدَّارِ لِهَذَا الْمُشْتَرِي وَلَا فِي يَدِهِ وَإِنَّمَا هِيَ لِغَيْرِهِ وَقَدْ أَرَادَ بِشِرَائِهِ الْمُقَامَ فِي هَذِهِ الدَّارِ فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ سَبَبٍ يَتَمَكَّنُ بِهِ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِأَرْضِ هَذِهِ الدَّارِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَهَيَّأُ الْمُقَامُ فِيهِ إلَّا بِالسُّكْنَى فِي أَرْضِهِ وَطَرِيقِهِ.

أَمَّا الْإِعَارَةُ أَوْ الْإِجَارَةُ فَالْإِعَارَةُ غَيْرُ لَازِمَةٍ وَكَانَ صَاحِبُ الْأَرْضِ بِسَبِيلٍ مِنْ أَنْ يُخْرِجَ الْمُشْتَرِيَ مِنْ الدَّارِ سَاعَةً فَسَاعَةً فَلَا يَتِمُّ لَهُ الْمُرَادُ مِنْهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَشْتَغِلَ بِالْإِجَارَةِ؛ لِأَنَّهَا لَازِمَةٌ فَيَتَمَكَّنُ مِنْ الْمُقَامِ فِيهَا مُدَّةً يُرِيدُهَا فَلَا يَخْلُو بَعْدَ ذَلِكَ أَمَّا إنْ كَانَتْ الْأَرْضُ لِمَالِكٍ مَعْرُوفٍ أَوْ كَانَتْ أَرْضَ الْوَقْفِ وَيَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ فِيهِمَا وَلَكِنْ إنْ اسْتَأْجَرَ مِنْ الْمَالِكِ يَكْتُبُ ذِكْرَ الِاسْتِئْجَارِ مِنْ مَالِكِهَا فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ وَلَا يُحْتَاجُ فِيهَا إلَى بَيَانِ أَنَّ الْأُجْرَةَ الْمَذْكُورَةَ فِيهِ أَجْرُ مِثْلِهَا وَيَجُوزُ بِأَيِّ مُدَّةٍ شَاءَ وَإِنْ اسْتَأْجَرَ مِنْ الْمُتَوَلِّي بِأَنْ كَانَتْ أَرْضَ الْوَقْفِ يُبَيِّنُ فِيهَا أَنَّهَا وَقْفُ مَسْجِدِ كَذَا أَوْ عَلَى جِهَةِ كَذَا وَأَنَّهُ اسْتَأْجَرَ مِنْ مُتَوَلِّي ذَلِكَ الْوَقْفِ وَلَا يُطَوِّلُ مُدَّةَ إجَارَةِ الْأَوْقَافِ فِي الْمُدَّةِ الطَّوِيلَةِ عِنْدَ عَامَّةِ مَشَايِخِنَا الْمُتَأَخِّرِينَ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - وَيَكْتُبُ فِيهِ أَنَّ هَذِهِ الْأُجْرَةَ يَوْمَئِذٍ أَجْرُ مِثْلِ هَذِهِ الْأَرْضِ؛ لِأَنَّ الْمُتَوَلِّيَ لَا يَمْلِكُ الْإِجَارَةَ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ وَيَكْتُبُ ابْتِدَاءَ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ وَانْتِهَاءَهَا، هَذَا إذَا اشْتَرَى الْبِنَاءَ لِلْمُقَامِ فِيهِ فَأَمَّا إذَا اشْتَرَى لِلْهَدْمِ وَنَقْلِ نُقُوضِهِ يَكْتُبُ فِيهِ كَمَا كَانَ يَكْتُبُ فِي شِرَاءِ الْحَائِطِ لِهَدْمِهِ وَنَقْلِ نُقُوضِهِ فَقَدْ ذَكَرْنَاهُ.

(إذَا كَانَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ طَرِيقًا فِي هَذِهِ الدَّارِ فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ) الْأَوَّلُ أَنْ يَشْتَرِيَ الرَّجُلُ بُقْعَةً مِنْ الدَّارِ بِعَيْنِهَا قَدْرَ عَرْضِ الْبَابِ الْأَعْظَمِ إلَى الْبَابِ الْأَعْظَمِ وَفِي هَذَا الْوَجْهِ يَكْتُبُ حُدُودَ الدَّارِ أَوَّلًا ثُمَّ يَكْتُبُ حُدُودَ تِلْكَ الْبُقْعَةِ كَمَا لَوْ اشْتَرَى بَيْتًا مُعَيَّنًا مِنْ دَارٍ فَإِنْ ذَكَرَ ذُرْعَانَ الطَّرِيقِ طُولَهُ وَعَرْضَهُ فَهُوَ أَوْثَقُ، الْوَجْهُ الثَّانِي

<<  <  ج: ص:  >  >>