للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالدَّرَاهِمِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.

قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الرَّجُلِ يَدَّعِي فِي دَارِ دَعْوَى فَيُصَالِحُهُ صَاحِبُهُ وَلَا يُقِرُّ بِهِ هَلْ يَجُوزُ قَالَ: نَعَمْ وَهِيَ مَسْأَلَةُ الصُّلْحِ عَلَى الْإِنْكَارِ وَهِيَ جَائِزَةٌ عِنْدَنَا خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ وَابْنِ أَبِي لَيْلَى - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - فَإِنْ أَرَادَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يَكْتُبَ كِتَابًا لِيَكُونَ لَهُ حُجَّةٌ عَلَى الْمُدَّعِي يَكْتُبُ: هَذَا كِتَابٌ لِفُلَانٍ - يَعْنِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ - مِنْ فُلَانٍ - يَعْنِي الْمُدَّعِيَ - إنِّي ادَّعَيْتُ فِي دَارِكَ دَعْوَى وَهِيَ الدَّارُ الَّتِي فِي مَوْضِعِ كَذَا حُدُودُهَا كَذَا فَصَالَحْتَنِي مِنْ دَعْوَايَ فِي دَارِكَ هَذِهِ عَلَى كَذَا دِرْهَمًا وَزْنَ سَبْعَةٍ عَلَى أَنِّي أُسَلِّمُ لَكَ جَمِيعَ مَا ادَّعَيْتَ وَرَضِيتُ بِذَلِكَ وَصَالَحْتُكَ عَلَيْهِ وَقَبَضْتُ مِنْكَ جَمِيعَ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ الصُّلْحُ وَذَلِكَ كَذَا دِرْهَمًا وَيُتِمُّ الْكِتَابَ، هَكَذَا كَانَ يَكْتُبُ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُف وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - وَكَانَ السَّمْتِيُّ يَكْتُبُ: هَذَا كِتَابٌ لِفُلَانِ بْنِ فُلَانٍ مِنْ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ أَنِّي ادَّعَيْتُ عَلَيْكَ فِي الدَّارِ الَّتِي فِي يَدَيْكَ فِي مَوْضِعِ كَذَا حُدُودُهَا كَذَا وَلَا يَكْتُبُ أَنِّي ادَّعَيْتُ فِي دَارِكَ وَكَانَ يَقُولُ لَوْ كَتَبْنَا فِي دَارِكَ يَكُونُ هَذَا مِنْ الْمُدَّعِي إقْرَارًا بِأَنَّ الدَّارَ مِلْكُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَكَيْفَ يَدَّعِي بَعْدَ هَذَا مِلْكًا لِنَفْسِهِ فِيهَا فَكَيْفَ يَصِحُّ الصُّلْحُ أَمَّا لَوْ كَتَبْنَا فِي الدَّارِ الَّتِي فِي يَدَيْكَ لَا يَكُونُ هَذَا مِنْ الْمُدَّعِي إقْرَارًا بِالدَّارِ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَيَصِحُّ دَعْوَاهُ الْمِلْكَ لِنَفْسِهِ بَعْدَ ذَلِكَ فَيَصِحُّ الصُّلْحُ وَالْوَجْهُ لَمَّا ذَكَرَهُ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ وَضَعَ الْمَسْأَلَةَ فِيمَا إذَا ادَّعَى فِي دَارِهِ دَعْوَى.

وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّ الْمُدَّعَى بِهِ مَاذَا وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الدَّعْوَى فِي حَقٍّ مِنْ طَرِيقٍ أَوْ مَسِيلِ مَاءٍ فَيُصَالِحُهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى تَرْكِ دَعْوَاهُ الطَّرِيقَ أَوْ مَسِيلَ الْمَاءِ وَإِقْرَارُ الْمُدَّعِي بِمَلَكِيَّةِ الدَّارِ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَا يَمْنَعُهُ مِنْ هَذِهِ الدَّعْوَى فَيُحْمَلُ كِتَابَةُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَلَى هَذَا الْوَجْهِ عَلَى أَنَّ مُرَادَهُ مِنْ هَذِهِ الدَّعْوَى دَعْوَى حَقٍّ لِنَفْسِهِ لَا دَعْوَى رَقَبَةِ الدَّارِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ

(إذَا وَقَعَ الصُّلْحُ بَيْنَ رَجُلَيْنِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ادَّعَى عَلَى صَاحِبِهِ) كَتَبْتَ: هَذَا مَا شَهِدَ عَلَيْهِ الشُّهُودُ الْمُسَمَّوْنَ فِي آخِرِهِ شَهِدُوا أَنَّ فُلَانًا ادَّعَى فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ عَلَى فُلَانٍ كَذَا دِرْهَمًا فَأَنْكَرَ وَادَّعَى هُوَ عَلَى هَذَا الْمُدَّعِي كَذَا دِينَارًا بِسَبَبٍ صَحِيحٍ وَطَالَ تَرَدُّدُهُمَا وَاخْتِلَافُهُمَا إلَى مَجْلِسِ الْحُكْمِ كَذَلِكَ وَامْتَدَّتْ الْخُصُومَةُ وَاشْتَدَّتْ الْمُنَازَعَةُ بَيْنَهُمَا فَتَوَسَّطَ الْمُتَوَسِّطُونَ فِيمَا بَيْنَهُمَا وَنَدَبُوهُمَا إلَى الصُّلْحِ أَخْذًا بِكِتَابِ اللَّهِ - تَعَالَى - {وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} [النساء: ١٢٨] فَانْتُدِبَا إلَى ذَلِكَ فَأَجَابَا وَاصْطَلَحَا عَلَى أَنْ أَعْطَى فُلَانٌ فُلَانًا كَذَا دِرْهَمًا فَقَبِلَ هُوَ ذَلِكَ مِنْهُ مُشَافَهَةً صُلْحًا صَحِيحًا جَائِزًا قَاطِعًا لِلْخُصُومَةِ وَقَبَضَ هُوَ مِنْهُ ذَلِكَ بِإِيفَائِهِ إيَّاهُ وَبَرِئَ إلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ بَرَاءَةَ قَبْضٍ وَاسْتِيفَاءٍ وَأَقَرَّ أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ لَهُ عَلَيْهِ خُصُومَةٌ فِي شَيْءٍ وَأَنَّهُ أَبْرَأَهُ عَنْ دَعَاوِيهِ كُلِّهَا وَصَدَّقَهُ الْآخَرُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ وَأَبْرَأَهُ هُوَ أَيْضًا عَنْ كُلِّ دَعْوَى كَانَ يَدَّعِيهَا عَلَيْهِ وَلَمْ يَبْقَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ خُصُومَةٌ وَلَا دَعْوَى وَلَا مُطَالَبَةٌ بِشَيْءِ، وَكُلُّ دَعْوَى يَدَّعِيهَا أَحَدُهُمَا إلَى آخِرِهِ، وَاَللَّهُ - تَعَالَى - أَعْلَمُ.

(صُلْحُ الْوَكِيلِ عَنْ دَعْوَى التَّرِكَةِ بَعْدَ قِسْمَةٍ كَانَتْ مِنْ الْمُوَكِّلِ) شَهِدُوا أَنَّ فُلَانًا وَكِيلُ فُلَانَةَ ثَابِتُ الْوَكَالَةِ عَنْهَا بِالدَّعَاوَى وَالْقَبْضِ وَالصُّلْحِ وَالْإِقْرَارِ وَالضَّمَانِ وَكَالَةً مُطْلَقَةً عَامَّةً فِي الْوُجُوهِ كُلِّهَا عَنْ مُوَكِّلَتِهِ هَذِهِ فِي مَجْلِسِ الْقَضَاءِ قِبَلَ فُلَانٍ الْقَاضِي ادَّعَى عَلَى فُلَانٍ وَفُلَانٍ وَفُلَانٍ أَنَّ مُوَكِّلَتَهُ هَذِهِ كَانَتْ زَوْجَةَ أَبِيهِمْ وَمُوَرِّثِهِمْ فُلَانٍ وَحَلَالِهِ بِنِكَاحٍ صَحِيحٍ عَلَى صَدَاقٍ مَعْلُومٍ وَأَنَّهُ تُوُفِّيَ وَهِيَ فِي نِكَاحِهِ وَخَلَّفَ مِنْ التَّرِكَةِ كَذَا وَكَذَا وَأَنَّهُمْ اسْتَوْلَوْا عَلَى جَمِيعِ هَذِهِ التَّرِكَةِ بِغَيْرِ حَقٍّ وَطَلَبَتْ مِنْهُمْ صَدَاقَهَا وَإِرْثَهَا وَهُوَ ثُمُنُ جَمِيعِ ذَلِكَ فَأَجَابُوا أَنَّهُمْ اقْتَسَمُوا كُلَّ التَّرِكَةِ وَأَوْفَوْهَا نَصِيبَهَا فَزَعَمَ هَذَا الْوَكِيلُ أَنَّ تِلْكَ الْقِسْمَةَ وَقَعَتْ فَاسِدَةً غَيْرَ صَحِيحَةٍ لِتَمَكُّنِ الْخَلَلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>