رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى قَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ: الْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَا تَلْتَحِقُ وَلَكِنْ تَصِيرُ مُسْتَغَلًّا لِلْمَسْجِدِ كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ وَلَوْ اشْتَرَى بِغَلَّتِهِ ثَوْبًا وَدَفَعَهُ إلَى الْمَسَاكِينِ يَضْمَنُ مَا نَقَدَ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ لِوُقُوعِ الشِّرَاءِ لَهُ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ نَاقِلًا عَنْ الْإِسْعَافِ.
وَإِذَا وَقَفَ دَارِهِ عَلَى الْفُقَرَاءِ فَالْقَيِّمُ يُؤَاجِرُهَا وَيَبْدَأُ مِنْ غَلَّتِهَا بِعِمَارَتِهَا وَلَيْسَ لِلْقَيِّمِ أَنْ يُسَكِّنَ فِيهَا أَحَدًا بِغَيْرِ أَجْرٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ فِي جَامِعِ الْجَوَامِعِ، انْهَدَمَ وَبُنِيَ ثَانِيًا فَسَاكِنُوهُ أَحَقُّ إلَّا أَنَّهُ إذَا انْهَدَمَ بِحَيْثُ لَمْ يَبْقَ بَيْتٌ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
وَإِنْ مَاتَ الْقَيِّمُ بَعْدَ مَا آجَرَ لَا تَبْطُلُ الْإِجَارَةُ وَإِنْ كَانَ الْوَاقِفُ هُوَ الَّذِي آجَرَ ثُمَّ مَاتَ فَفِيهِ قِيَاسٌ وَاسْتِحْسَانٌ، الْقِيَاسُ أَنْ تَبْطُلَ الْإِجَارَةُ وَبِهِ أَخَذَ أَبُو بَكْرٍ الْإِسْكَافُ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ أَنْ لَا تُنْقَضَ الْإِجَارَةُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
فِي فَتَاوَى مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ مُتَوَلٍّ آجَرَ الْوَقْفَ وَمَاتَ الْمُتَوَلِّي وَالْمُسْتَأْجِرُ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ فَالزَّرْعُ لِوَرَثَةِ الْمُسْتَأْجِرِ الَّذِي زَرَعَ بِبَذْرِهِ وَعَلَيْهِمْ مَا نَقَصَتْ الْأَرْضُ مِنْ الْمُزَارَعَةِ، وَيُصْرَفُ ذَلِكَ إلَى مَصَالِحِ الْأَرْضِ مِنْ الْمُزَارَعَةِ وَيُصْرَفُ ذَلِكَ إلَى مَصَالِحِ أَرْضِ الْوَقْفِ دُونَ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ، كَذَا فِي الْحَاوِي لِلْحَصِيرِيِّ.
وَالْقَاضِي إذَا آجَرَ الدَّارَ الْمَوْقُوفَةَ ثُمَّ عُزِلَ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ لَا تَبْطُلُ الْإِجَارَةُ، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ.
فَإِنْ كَانَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ هُوَ الْمُتَوَلِّي أَيْضًا فَآجَرَ ثُمَّ مَاتَ لَمْ تُنْتَقَضْ الْإِجَارَةُ وَإِنْ كَانَتْ الْغَلَّةُ لَهُ، كَذَا فِي الْحَاوِي وَكَذَا لَوْ مَاتَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِمْ قَبْلَ تَمَامِ الْمُدَّةِ لَا تَبْطُلُ الْإِجَارَةُ ثُمَّ مَا وَجَبَ مِنْ الْغَلَّةِ إلَى أَنْ مَاتَ هَذَا الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ يُصْرَفُ إلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ حِصَّتُهُ وَحِصَّةُ الْمَيِّتِ تُصْرَفُ إلَى وَارِثِهِ، وَمَا وَجَبَ مِنْ الْغَلَّةِ بَعْدَ مَوْتِ هَذَا فَهِيَ تَكُونُ لِمَنْ بَقِيَ، وَكَذَا لَوْ مَاتَ بَعْضُهُمْ بَعْدَ مَوْتِ الْأَوَّلِ بِمُدَّةٍ فَهِيَ عَلَى هَذَا الْقِيَاسِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فَإِنْ عُجِّلَتْ الْأُجْرَةُ وَاقْتَسَمَهَا الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِمْ، ثُمَّ مَاتَ أَحَدُهُمْ الْقِيَاسُ أَنْ تُنْقَضَ الْقِسْمَةُ وَيَكُونُ لِلَّذِي مَاتَ حِصَّتُهُ مِنْ الْأُجْرَةِ مِقْدَارَ مَا عَاشَ، وَلَكِنَّا نَسْتَحْسِنُ وَلَا نَنْقُضُ الْقِسْمَةَ، وَكَذَلِكَ لَوْ شَرَطَ تَعْجِيلَ الْأُجْرَةِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
قَالَ: إذَا آجَرَ دَارَ الْوَقْفِ سَنَةً بِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَالْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ ثُمَّ مَاتَ أَحَدُهُمْ بَعْدَ مُضِيِّ ثُلُثِ سَنَةٍ وَمَاتَ الْآخَرُ بَعْدَ مُضِيِّ ثُلُثٍ آخَرَ مِنْ السَّنَةِ وَبَقِيَ الثَّالِثُ فَإِنَّ الثُّلُثَ الْأَوَّلَ مِنْ الْأُجْرَةِ بَيْنَ وَرَثَةِ الْمَيِّتِ الْأَوَّلِ وَبَيْنَ وَرَثَةِ الْمَيِّتِ الثَّانِي وَبَيْنَ الْبَاقِي أَثْلَاثًا، وَالثُّلُثَ الثَّانِيَ بَيْنَ وَرَثَةِ الثَّانِي وَبَيْنَ الْبَاقِي نِصْفَيْنِ، وَالثُّلُثَ الثَّالِثَ كُلُّهُ لِلْبَاقِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute