للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ستة مساكين أو انسك نسيكة لا أدري بأي ذلك بدأ وفي رواية قال نزلت هذه الآية: فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ وذكر نحوه وفي أخرى أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مر به وهو بالحديبية قبل أن يدخل مكة وهو محرم وذكره، وفي أخرى أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال له: ما كنت أرى أن الوجع بلغ منك ما أرى أو ما كنت أرى أن الجهد بلغ بك ما أرى أتجد شاة؟ قلت لا قال: فصم ثلاثة أيام أو أطعم ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع». قال كعب فنزلت في خاصة وهي لكم عامة ومعنى قوله تعالى فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيامٍ أي صوم ثلاثة أيام أَوْ صَدَقَةٍ يعني إطعام ثلاثة أصوع ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع أَوْ نُسُكٍ واحدتها نسيكة أى ذبيحة وأعلاها بدنة وأوسطها بقرة وأدناها شاة وهذه الفدية على التخيير إن شاء ذبح أو صام أو تصدق وكل هدي أو طعام يلزم المحرم فإنه لمساكين الحرم إلّا هدي المحصر فإنه يذبحه حيث أحصر. وأما الصوم فله أن يصوم حيث شاء. قوله تعالى: فَإِذا أَمِنْتُمْ يعني من خوفكم وبرأتم من مرضكم وقيل إذا أمنتم من الإحصار فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ قال ابن الزبير معناه فمن أحصر حتى فاته الحج ولم يتحلل فقدم مكة فخرج من إحرامه بعمل عمرة فاستمتع بإحلاله ذلك بتلك العمرة إلى السنة المستقبلة ثم حج فيكون متمتعا بذلك الإحلال إلى إحرامه الثاني في العام المقبل وقيل معناه فإذا أمنتم وقد أحللتم من إحرامكم بعد الإحصار ولم تعتمروا في تلك السنة ثم اعتمرتم في السنة القابلة في أشهر الحج ثم أحللتم فاستمتعتم بإحلالكم إلى الحج ثم أحرمتم بالحج فعليكم ما استيسر من الهدي وقال ابن عباس: هو الرجل يقدم معتمرا من أفق الآفاق في أشهر الحج فقضى عمرته وأقام بمكة حلالا حتى أنشأ منها الحج فحج من عامه ذلك فيكون مستمتعا بالإحلال عن العمرة إلى إحرامه بالحج. ومعنى التمتع في اللغة هو الاستمتاع بعد الخروج من العمرة والتلذذ بما كان محظورا عليه في حال الإحرام إلى إحرامه بالحج فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ يعني فعليه ما استيسر من الهدي وهو شاة يذبحها يوم النحر، فلو ذبح قبله بعد ما أحرم بالحج أجزأه عند الشافعي كدم الجبرانات ولا يجزئه ذبحه عند أبي حنيفة قبل يوم النحر كدم الأضحية. ولوجوب دم التمتع خمس شرائط: أحدها: أن يقدم العمرة على الحج. الثاني: أن يحرم بالعمرة في أشهر الحج. الثالث: أن يحج بعد الفراغ من العمرة في هذه السنة. الرابع: أن يحرم من مكة ولا يعود إلى ميقات بلده، فإن رجع إلى الميقات وأحرم منه لم يكن متمتعا. الخامس: أن لا يكون من حاضري المسجد الحرام فهذه الشروط معتبرة في وجوب دم التمتع ومتى فقد شيء منها لم يكن متمتعا ودم التمتع دم جبران عند الشافعي فلا يجوز أن يأكل منه. وقال أبو حنيفة: هو دم نسك فيجوز أن يأكل منه وقوله فَمَنْ لَمْ يَجِدْ يعني الهدي فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ أي فعليه صيام ثلاثة أيام في وقت اشتغاله بالحج. قيل: يصوم يوما قبل يوم التروية ويوم التروية ويوم عرفة وقيل بل المستحب أن يصوم في أيام الحج بحيث يكون يوم عرفة مفطرا فإن لم يصم قبل يوم النحر فقيل يصوم أيام التشريق وبه قال مالك وأحمد وهو أحد قولي الشافعي. وقيل:

بل يصوم بعد أيام التشريق وهو رواية عن أحمد والقول الآخر للشافعي وَسَبْعَةٍ إِذا رَجَعْتُمْ يعني وصوموا سبعة أيام إذا رجعتم إلى أوطانكم وأهليكم قاله ابن عباس وبه قال الشافعي، فلو صام قبل الرجوع إلى أهله لم يجزه عنده وقيل المراد من الرجوع هو الفراغ من أعمال الحج والأخذ في الرجوع فعلى هذا يجزئه أن يصوم السبعة أيام بعد الفراغ من أعمال الحج وقبل الرجوع إلى أهله وبه قال أبو حنيفة: تِلْكَ عَشَرَةٌ كامِلَةٌ يعني في الثواب والأجر وقيل كاملة في قيامها مقام الهدي لأنه قد يحتمل أن يظن ظان أن الثلاثة قد قامت مقام الهدي فاعلم الله أن العشرة بكمالها هي القائمة مقام الهدي وقيل فائدة التكرار التوكيد كقول الفرزدق:

ثلاث واثنتان فهن خمس ... وسادسة تميل إلى سهام

ولأن القرآن أنزل بلغة العرب والعرب تكرر الشيء تريد به التوكيد وقيل فائدة ذلك الفذلكة في علم الحساب وهو أن يعلم العدد مفصلا ثم يعلمه جملة ليحتاط به من جهتين فكذلك قوله تعالى: فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كامِلَةٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>