القيامة إنا كنا عن هذا غافلين» وعن ابن عباس في هذه الآية قال: مسح ربك ظهر آدم فخرجت كل نسمة هو خالقها إلى يوم القيامة بنعمان هذا الذي وراء عرفة وأخذ ميثاقهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا وعن ابن عباس أيضا قال: إن أول ما أهبط الله آدم إلى الأرض أهبطه بدهناء أرض الهند فمسح ظهره فأخرج منه كل نسمة هو بارئها إلى يوم القيامة ثم أخذ عليهم الميثاق وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم؟ قالوا بلى شهدنا أن يقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين» زاد في رواية عنه «فجف القلم بما هو كائن إلى يوم القيامة» وفي رواية عنه قال «لما خلق الله آدم أخذ ميثاقه أنه ربه وكتب رزقه وأجله ومصائبه واستخرج ذريته كالذر وكتب أرزاقهم وآجالهم ومصائبهم» وفي رواية عنه قال «إن الله عز وجل مسح صلب آدم فاستخرج كل نسمة هو خالقها إلى يوم القيامة فأخذ منهم الميثاق أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا وتكفّل لهم بالأرزاق ثم أعادهم في صلبه فلن تقوم الساعة حتى يولد كل من أعطي الميثاق يومئذ فمن أدرك منهم الميثاق الآخر فوفى به نفعه الميثاق الأول ومن أدرك الميثاق الآخر فلم يف به لم ينفعه الأول ومن مات صغيرا ولم يدرك الميثاق الآخر مات على الميثاق الأول على الفطرة» وروى الطبري بسنده عن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «أخذوا من ظهره كما يؤخذ بالمشط من الرأس فقال لهم ألست بربكم قالوا بلى؟ قالت الملائكة شهدنا أن تقولوا يوم القيامة «إنا كنا عن هذا غافلين» وقال ابن عباس: أخرج ذرية آدم من ظهره فكلمهم الله وأنطقهم فقال ألست بربكم قالوا بلى ثم أعادها في صلبه فليس أحد من الخلق إلا وقد تكلم فقال ربي الله وإن القيامة لن تقوم حتى يولد من كان يومئذ أشهد على نفسه، وقال السدي: أخرج الله آدم من الجنة ولم يهبطه من السماء ثم إنه مسح صفحة ظهره اليمنى فأخرج منه كهيئة الذر بيضاء فقال ادخلوا الجنة برحمتي ثم مسح صفحة ظهره اليسرى فأخرج منه كهيئة الذر سوداء فقال ادخلوا النار ولا أبالي فذلك حين يقول أصحاب اليمين وأصحاب الشمال ثم أخذ منهم الميثاق فقال ألست بربكم قالوا بلى فأعطاه طائفة طائعين وطائفة كارهين على وجهه التبعية زاد في رواية وذلك حيث يقول «وله أسلم من في السموات والأرض طوعا وكرها» وقال محمد بن كعب القرظي: أقر له بالإيمان والمعرفة الأرواح قبل خلق أجسادها، وقال مقاتل: مسح صفحة ظهر آدم اليمنى، فأخرج منها ذرية بيضاء كهيئة الذر يتحركون ثم مسح صفحة ظهره اليسرى فأخرج منها ذرية سوداء كهيئة الذر يتحركون فقال يا آدم هؤلاء ذريتك ثم قال لهم ألست بربكم قالوا بلى فقال للبيض هؤلاء في الجنة برحمتي وهم أصحاب اليمين وقال للسود هؤلاء في النار ولا أبالي وهم أصحاب الشمال ثم أعادهم جميعا في صلب آدم فأهل القبور محبوسون حتى يخرج أهل الميثاق جميعا.
وروى أن الله سبحانه وتعالى قال لهم جميعا. اعلموا أنه لا إله لكم غيري وأنا ربكم لا رب لكم غيري فلا تشركوا بي شيئا فإني سأنتقم ممن أشرك بي ولم يؤمن بي وإني مرسل إليكم رسلا يذكرونكم عهدي وميثاقي ومنزل عليكم كتبا فتكلموا جميعا وقالوا شهدنا أنك ربنا لا رب لنا غيرك فأخذ بذلك مواثيقهم ثم كتب آجالهم وأرزاقهم ومصائبهم فنظر إليهم آدم عليه السلام فرأى منهم الغني والفقير وحسن الصورة ودون ذلك فقال رب هلا سويت بينهم فقال إني أحب أن أشكر فلما قررهم بتوحيده وأشهد بعضهم على بعض أعاده إلى صلبه فلا تقوم الساعة حتى يولد كل من أخذ منه الميثاق» وقال الزجاج وجائز أن يكون الله سبحانه وتعالى جعل لأمثال الذر عقلا وفهما تعقل به كما قال تبارك وتعالى في النملة قالَتْ نَمْلَةٌ يا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ وكما قال وَسَخَّرْنا مَعَ داوُدَ الْجِبالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وقال ابن الأنباري مذهب أصحاب الحديث وكبراء أهل العلم في هذه الآية أن الله تعالى أخرج ذرية آدم من صلبه وأصلاب أولادهم وهم صور كالذر وأخذ عليهم الميثاق أنه خالقهم وأنهم مصنوعه فاعترفوا بذلك وقبلوه وذلك بعد أن ركب فيهم عقولا عرفوا بها ما عرض عليهم كما جعل للجبال عقولا حتى خوطبوا بقوله «يا جبال أوبي معه» وكم جعل للبعير عقلا حتى سجد للنبي صلى الله عليه وسلم وكذلك الشجرة حتى سمعت لأمره وانقادت ومعنى قوله «ألست بربكم» على هذا التفسير قال الله تعالى للذرية «ألست بربكم» فهو إيجاب