وذكر سيبويه - قبل إنشاده - مسألة فقال: وتقول: ما أبو زينب ذاهبا ولا مقيمة أمها. فرفع (مقيمة)، ولا يجوز أن تنصب (مقيمة) وتعطفه على خبر (ما) وتجعله خبرا عن (الأب) لأن (الأم) مضافة إلى ضمير زينب، وليس (أمها) من سبب (الأب).
ثم أتى بالبيت، وهو في ضمير الظاهر، ونظير المسألة، لأن (مأمورها) ليس بمضاف إلى ضمير المنهي، إنما هو مضاف إلى ضمير الاسم الذي أضيف إليه (المنهي) فهو بمنزلة إضافة (الأم) إلى ضمير (زينب) ولم يضف إلى ضمير (الأب)، فكذلك هذا.
ولو قلت: فليس بآتيك منهيها ولا قاصر عنك مأمورها، لساغ من طريق اللفظ، ولكن المعنى يبطله والشعر يرده.
والمعنى أن منهي الأمور هي التي قد أراد الله عز وجل أن لا تكون فهي لا تكون ولا يمكن أحدا أن ينالها، وجعلها منهية لأنها في تقدير ما قد نهي عن فعله، ومنع من إيقاعه، ومأمورها: ما قال الله تعالى له: كن فكان. فيقول: هون عليك الأمور، ولا تحزن لشيء يفوتك من أمر الدنيا، فما أراد الله تعالى أن يرزقك إياه فهو آتيك، لا يدفعه عنك دافع. وما منعك من أن تناله، لا يمكن أحدا أن ينيلك إياه، فما لحزنك وجه. وقاصر عنك: مقصر عن أن يبلغك ويأتيك.
والوجه الثاني من وجهي الجر، وهو وجه أجازه سيبويه في هذا البيت على ضرب من التأويل، وجعل اللفظ بمنهيها كاللفظ بالمأمور، وكأنه حين