الشاهد فيه أنه أبدل (يغدوا) من قوله (لا يحفِلوا) وليس (يغدو) بدلاً من (يحفلوا)
لأنك لو قلت: إن يغدروا لا يغدوا عليك مرجلين لانتقض المعنى، وكان قد نفى عنهم ما يُذمون به. وإنما (يغدو) مقدر في موضع (لا يحفِلوا) كأنه قال: إن يبخلوا أو يجبنوا أو يغدروا يغدوا عليك مرجلين.
ومثله قول القائل: زيدُ إنْ يكذبْ لا يستحي يُكابرْ عليه. فـ (يكابرْ) بدل من قوله (لا يستحي) ولو قال (يكابرْ) بعد (لا) لفسد المعنى، ولكنه بدل من (لا وما بعدها).
ومعنى لا يحفلوا، لا يبالوا كيف كانت حالهم عند الناس، والمرجّل: المسرَّحُ الرأس المدهونُهُ وإنما يرجل شعره الفارغ القلب، الذي ليس في قلبه همّ. يعنى أنهم إذا بخلوا أو جبنوا أو غدروا لم يحزنوا لشيء من ذلك. وأبو بَراقش: طوير صغير يتحول ألواناً.
يريد أنهم يتقلبون في ألوان القبيح، ولا يثبتون على خلق جميل.
[عطف الظاهر على الضمير المجرور]
قال سيبويه في باب الضمير، قال الشاعر:
(فاليومَ قرَّبْتَ تهجوناْ وتشتِمُنا ... فاذهبْ فما بكْ والأيامِ من عَجَبِ)