الشاهد فيه إنه نصب (الصبر) على مذهب أهل الحجاز، ويرفع على مذهب بني تميم.
ويروى:
فيا ربّ هل تُدني نَوَى أم جحدرٍ ... ألينا، فأما الصبرَ عنها فلا صَبْرا
لا تلطي: أي لا تستري، أي لا تطرحي الستر، يريد ستر الهودج. يقول: لا تطرحيه حتى استمتع بالنظر إليك قبل الفرقة. والأعلام: الجبال، وذراها: أعاليها. يقول: كفى برؤوس الجبال حاتلا بيني وبينك إذا سرت وبعدت، والنوى: البعد.
يقول: يا رب هل تدني بعد أم جحدر، يريد هل تقربها حتى تدنو منا. وقوله: ولا صبرا، (صبرا) منصوب، ويحتمل نصبه وجهين:
أحدهما: أن ينصب بإضمار فعل، كأنه قال: فلا نصبر صبرا.
والوجه الآخر: أن يكون منصوبا بـ (لا) على وجه النفي، كما تقول: لا رجل في الدار. كأنه قال: فلا صبر لنا عنها.
[النصب بإضمار فعل - حملا على المعنى]
قال سيبويه في المنصوبات بعد إنشاده:
(الأفْعُوانَ والشُّجاعَ الشَّجْعَما)
فإنما نصبت (الافعوان والشجاع) لأنه أراد أن القدم هنا مسالمة، كما أنها مسالمة، فحمل الكلام على إنها مسالمة. يريد إنه نصب (الأفعوان) وما بعده بإضمار فعل محمول على معنى الكلام، وذلك أن (فاعل) إذا كان من اثنين؛ يكون كل واحد منهما فاعلا، وكل واحد منهما مفعولا.