للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: (وأصحاب حردب) وهو يريد: وأصحاب أبي حردبة. وقوله: (علي دماء البدن) قسم بإيجاب بدن تنحر بمكة أن لم يفعل ما أقسم عليه.

والذي عندي إنه عنى بقوله: (إن لم تفارقي) راحلته، أراد إنه يفارق أصحابه. ويجوز أن يريد إبلا كانوا أخذوها، فأراد مالك أن يأخذها منهم.

[النصب بإضمار فعل - للمعنى]

قال سيبويه قال عبد الرحمن بن جهيم أحد بني الحارث بن سعد من بني أسد:

يا راكبا إما عرْضتَ فبلغَنْ ... بني عمنا من عبد شمس وهاشم

أمِن عَمَلِ الجرافِ أمسِ وظُلْمِهِ ... وعدوانه اعتبْتمُونا براسمِ

(أَميري عَداءٍ أن حَبَسنا عليهما ... بَهائمَ مالٍ أوْدَيا بالبَهائِم)

الشاهد فيه إنه نصب (أميري عداء) بإضمار فعل، ولم يجزأن يكون (أميري عداء) بدلا من (الجراف) ومن (راسم) لأن الذي عمل في (الجراف) غير الذي عمل في (راسم)، كأنه قال: أعرف أميري عداء، أو أذكر أميري عداء.

وكان الجراف ولي صدقات هؤلاء القوم فآذاهم، فشكوا منه، فعزل عنهم وولي راسم مكانه، فعمل كما عمل الجراف أو أعظم، فشكوا منه.

والعداء: الظلم والتعدي، واعتبتمونا: أرضيتمونا بأن وليتم علينا راسما. يريد أنهما أميرا ظلم، أن حسبنا عليهما الماشية حتى يأخذا منها الصدقة، تركاها محبوسة ولم يأخذا ما يجب لهما، ولم يتركاها ترعى، فإذا طال حبسها، بذل لهما أصحابها ما يرضيهما حتى يخليا عنها.

وقوله: (إما عرضت) يريد أن عرضت، وهي (إن) التي للشرط. يريد أن تعرضت للقاء بني عمنا من عبد شمس وهاشم، فبلغهم عنا ما صنع بنا هؤلاء الولاة علينا. وبنو أسد بنو عم قريش، لأن قريشا هم ولد النضر بن كنانة بن خزيمة، وأسد هو أسد بن خزيمة. فأسد عم النضر، وأولاده بنو عم أولاد النضر.

وأراد بقوله: (بني عمنا من عبد شمس) بني أمية هو أمية بن عبد شمس. (أوديا بالبهائم: أهلكاها.

[في حركة لام الاستغاثة]

قال سيبويه في النداء، قال ابن ذريح:

تكَنّفني الوشاةُ فأزعَجوني ... فيا للناس للواشي المُطاعِ

الشاهد فيه على أن اللام الداخلة على (الناس) لام استغاثة وهي مفتوحة، واللام التي بعدها هي اللام التي تدخل على المفعول. وهذه اللام المكسورة هي في صلة فعل مجذوف، كأنه قال: يا للناس اعجبوا للواشي، أي اعجبوا من أجل ما ترونه منه.

والوشاة: جمع واش، وهو الساعي في النمائم والإغراء والإفساد بين الناس وتكنفني الوشاة: أتوني من كل ناحية، واستداروا حولي، يسعون فيما بينه وبين التي كان يهواها بالفساد.

وقوله: (فيا للناس للواشي المطاع) أراد أنها تطيعهم إذا حملوها على هجره والبعد عنه، وأراد أنهم يكنفونه ويخبرونه بأنها قد صرمته، وقطعت ما بينها وبينه. فإذا أخبروه أنزعج وقلق وشق عليه ما يحدثونه به.

[في الإضافة غير المحضة]

وقال سيبويه في باب الصفة، قال ابن ميادة:

فارْتَشْنَ حين أردْن أن يَرْمِيننا ... نَبْلاً مقذَّذَةً بغير قِداحِ

ونظَرْنَ من حَلَلِ السُّورِ بأعينٍ ... مَرْضَى مُخالِطِها السَّقامُ صِحاحِ

الشاهد فيه إنه جعل (مخالطها) صفة لـ (أعين)، والفعل للسقام، فأضاف اسم الفاعل وأجراه صفة للأول والفعل لسبب الموصوف لا للموصوف.

وارتشن: اتخذن ريشا لسهامهن، وهذا على طريق المثل، جعل أعينهن إذا نظرت بمنزلة السهام التي يرمى بها، و (نبلا) منصوبة على أحد وجهين: أما أن تكون منصوبة بـ (ارتشن) كأنه جعل ارتشن في موضع رشن، وهو كقولك: ورشن نبلا. والوجه الآخر أن تكون منصوبة بإضمار فعل، كأنه

<<  <  ج: ص:  >  >>