(فأَلْفَيْتُهُ غَيْرَ مُستَعبٍ ... ولا ذاكر الله إلا قَليلا)
يبب هذا الشعر أن رجلا من بني سليم يقال له نسيب بن حميد، كان يغشى أبا الأسود ويتحدث اليه، ويظهر له محبة شديدة. ثم أن نسيبا قال لأبي الأسود: قد أصبت مستقة اصبهانية: وهي جبة فراء طويلة الكمين، فقال له أبو الأسود: أرسل بها إلي حتى أنظر إليها. فأرسل بها، فأعجبت أبا الأسود، فقال لنسيب بعنيها بفيمتها، فقال: لا بل أكسوكها. فأبى أبو الأسود أن يقبلها إلا شراء. فقال له: أرها لمن يبصرها ثم هات قيمتها. فأراها أبو الأسود فقيل له: هي ثمن مائتي درهم، فذكر ذلك لنسيب، فأبى أن يبيعه، فزاده أبو الأسود حتى بلغ الثمن مائتي درهم وخمسين درهما فأبى نسيب بيعها وقال: خذها إذاً هبة.
فيقول: ذكرته ما بيننا من المودة فألفيته، أي وجدته غير مستعتب أي غير راجع بالعتاب عن قبيح ما يفعل.
والشاهد إنه حذف التنوين من (ذاكر) لالتقاء الساكنين، لا للإضافة.
[في: الفصل بين المتضايفين]
قال سيبويه في: باب جرى مجرى الفاعل الذي يتعداه فعله إلى مفعولين في اللفظ لا في المعنى قال ذو الرمة:
(كأن أصوات - من إيغالهن بنا - ... أواخرِ المَيْس أصواتُ الفَراريجِ)