أنشده برفع (أول) و (فتية) وجعل (الحرب) مبتدأ و (أول ما تكون) مبتدأ ثان و (فتية) خبر المبتدأ الثاني، والجملة خبر المبتدأ الأول، وفي (تكون ضمير يعود إلى الحرب. وهذا الإنشاد مثل المسألة المتقدمة، و (أول) مذكر و (فتية) مؤنثة وهو خبره. وإنما فعل هذا لأن (أول) مضاف إلى (كون الحرب). وكون الحرب هو الحرب.
فكأنه قال: أول الحرب فتية، وأول الحرب هو من الحرب، فأخبر عن (أول) بمثل ما يخبر به عن (الحرب). وجعله سيبويه كقولهم: ذهبت بعض أصابعه.
(وذكر أيضا أن بعضهم يقول: الحرب أول ما يكون قتية بنصب (أول) ورفع (فتية). يجعل (الحرب) مبتدأ. وينصب (أول) على الظرف).
وذكر أيضا أن بعضهم يقول: الحرب أول ما تكون فتية. ويرفع (أول) ونصب (فتية). و (أول) في هذا الوجه مبتدأ، و (فتية) حال سدت مسد الخبر. وهو مثل قولهم: شربك السويق ملتوتا.
والبزة: ما عليها من الثياب. يقول: الحرب أول أمرها عين، تدعو الجاهل إلى الدخول فيها، وتستفزه حتى يستحسن المحاربة. ويروى:(تسعى بزينتها) حتى إذا اقتتل القوم وحميت الحرب، كرهها من دخل فيها، ورآها بصورة غير حسنة كأنها عجوز فيها أحد. وقوله: غير ذات حليل: يعني إنه لا يريد أحد ممن دخل فيها شمها وتقبيلها.
[النصب على الإغراء والتحذير]
قال سيبويه في المنصوبات: ومما جعل بدلا من اللفظ بالفعل قولهم: الحذر الحذر، والنجاء النجاء، وضربا ضربا. وإنما انتصب هذا على: الزم الحذر، وعليك النجاء. ولكنهم حذفوا هذا لأنه صار بمنزلة (افعل)