أكله كأنه هو أكل. ويقال فيه أيضا: أن فيه حذفا، وكأنه قال: زيد ذز أكل وذو شرب، فحذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه.
وقالت الخنساء:
تَبكي لحُزنٍ هي العَبْرى وقد عَبِرَتْ ... ودونه من جديد الأرض أستارُ
حنين والهةِ ضلت أليفتها ... لها حنينان: إصغار وإكبارُ
(تَرْتَعُ ما رَتَعَتْ حتى إذا ادكَرَتْ ... فإنما هي إقبالٌ وإدبارُ)
الشاهد في رفع (إقبال وأدبار) وهما مصدران قد أخبر بهما عن الوالهة.
والعبرى: الباكية الثكلى، وجديد الأرض: ظاهرها، والأستار: ما جعل على قبره من تراب الأرض، والوالهة: يجوز أن تكون بقرة أو ظبية أو ناقة ضلت أليفتها: أي ضلت فلم تهتد إلى الموضع الذي فيه أليفتها.
ويجوز في (أليفتها) الرفع والنصب. فإذا نصب ففي (ضلت) ضمير يعود إلى الواهمة، ويقال: ضللت الشيء: إذا لم تهتد إليه. وإذا رفع فتقديره: ضلت اليفتها عن الموضع الذي هي فيه.
ولها ضربان من الحنين: أحدهما أن تخفض صوتها، والآخر أن ترفعه. وترتع: ترعى، (ما رتعت) منصوب على طريق الظرف، حتى إذا ادكرت اليفتها تركت المرعى وأقبلت وأدبرت، لأن الحزن أزعجها.