بمصدر الفعل المتقدم، وتنصبه بإضمار فعل مثل الفعل المتقدم.
فإن قال لنا قائل: إنما احتجتم إلى إضمار فعل في المصدر المخالف لما قبله، لأنه ليس من لفظ الفعل المتقدم فينتصب به، وإذا كان قبل الفعل نقل هذا المصدر مصدره، لم يجز أن تضمر فعلا.
قيل له: إذا جاز أن تأتي بمصدر يخالف الفعل الذي قبله في اللفظ، ويقاربه في المعنى، وتنصبه بإضمار فعل يدل عليه الفعل المتقدم، وساغ هذا لأجل موافقة الفعل للمصدر من طريق المعنى؛ جاز أن تضمر فعلا للمصدر الموافق للفعل الذي قبله لأنه يدل على هذا المصدر من طريق اللفظ، ومن طريق المعنى، فما كان دلالته من وجهين أولى. فإن قال: لسنا ننكر أن يكون الفعل الموافق للمصدر يدل عليه من طريق الفظ ومن طريق المعنى، ولكنا نقول: إنه لا يحتاج إلى إضمار فعل معه، لأنه يجوز أن يعمل في المصدر. وفي المصدر المخالف نحن محتاجون إلى إضمار فعل ينتصب المصدر عنه، لأن الفعل الذي قبله ليس منه.
قيل ما: نحن لم نقل إنه واجب أن يضمر للمصدر الموافق فعلا، وإنما قلنا هو جائز: ينتصب بالأول، وأن يضمر له فعل، كما جاز أن يضمر للمخاف، ولا يكون أسوأ حالا من المصدر الذي قبله ما يخالف لفظه.