المحدث عنه خاص غالب، وقد اضطر الشاعر فبناه على حرفين، قال أبو النجم:
تُثير أيديها عجاجَ القسطلِ
إذا عَصَبَتْ بالعطَنِ المُغربلِ
تَدافُعَ الشَّيبِ ولم تِقِتلِ
(في لَجَّةٍ أَمسِكْ فلانا عن فُلِ)
الشاهد في البيت الأخير إنه جعل (فلا) في موضع فلان في غير النداء، في النداء، فإن اضطر شاعر استعمله في غير النداء.
وصف إبلا. والقسطل: الغبار، والعجاج، ما ارتفع من الغبار، وعصبت: اجتمعت، والعطن: مبرك الإبل قرب الماء، وإنما تبرك قرب الماء إذا شربت الشربة الأولى وهي النهل، لتعاد إلى الماء فتشرب مرة أخرى، والشربة الثانية هي العلل. والمغربل: المنخول في هذا الموضع. أراد أن تراب العطن كأنه منخول، والمغربل في موضع غير هذا المنتفخ.
وقوله: تدافع الشيب، وهو جمع أشيب يعني الشوخ. يريد أن الإبل تتدافع تدافعا مثل تدافع الشيوخ، لأنهم أصحاب حلم يتدافعون ولا يقتتلون. ويريد إنه ليس بتدافع شديد، لأنها قد شربت الشربة الأولى، فقد سكنت بعض السكون، إنما تدافع لأنها ديدت عن الماء وليس تدافعها لقتال.