ولا نُحالف إلا اللهَ مِن أحَدٍ ... غيرَ السُّيوفِ إذا ما اْغرورقَ النظَرُ
(ومَن يَميلُ أمالَ السيفُ ذِروتَهُ ... حيث التَقَى من حفا فَيْ رأسهِ الشَّعَرُ)
الشاهد فيه أنه جعل (مَن) بمنزلة الذي ووصلها بـ (يميل) كأنه قال: والذي يميل أمال السيف ذورته.
وزعموا أن لَبَطَة بن الفرزدق قال - حين ذهب خالد بن عبد الله القسري إلى الشام، واستخلف أسدَ بن عبد الله أخاه على العراق - لأبيه: إنك قد كبرتْ سنك، وقد قعدت عن الرحلةْ والوفادة، وهذا اليماني - يعني أسداً - شديد العصبية، معروف بحب قومه، فإن أتيته فاستنشدك فأنشده أبياتاً - في جملتها هذه الأبيات المتقدمة - تفخر بمضر.
فلما خرج قال له لبطة: هذا ما وصيتك. فقال له: اسكت، ما كنت أكبر في صدره من اليوم. وقوله:(اغرورقَ النظَرُ) يريد أنه إذا دهش الإنسان، اضطرب نظره من الفزعْ ولم يتأمل ما ينظر إليه، فكأنّ عينيه قد غرقت بشيء غطّاها.