الشاهد في البيت على أن الشاعر أضاف (جونتا) إلى (مصطلاهما). وجونتا صفة لـ (جارتا صفا) و (المصطلى) مضاف إلى (الجارتين) والإضافة لا تقع في باب حسن الوجه إلا بعد أن تجعل الذي كان فاعلا مفعولا من طريق اللفظ، وتنقل ضميره المجرور إلى أن يجعل فاعل للصفة التي تجري عليه. فإن لم ينقل الضمير عن موضعه، لم يكن للصفة فاعل، وإذا لم يكن لها فاعل، لم يجز أن
يكون السبب إلا فاعلا.
ونظير ما ذكرته لك أنك تقول: جاءني امرأتان قائم غلاماهما، الفعل للغلامين، وجعلت اسم الفاعل لـ (المرأتان) وهما من سببهما، (فلذلك جاز أن توصفا بشيء لم تفعلاه من فعل سببهما). وليس يجوز في الغلامين إلا الرفع لأن قائما لابد له من فاعل، وليس فاعل سوى الغلامين فإذا أرادوا أن يجعلوا القيام فعلا للمرأتين من طريق اللفظ؛ والمعنى باق على ما كان عليه، جاءوا إلى الضمير المجرور الذي هو ضمير المرأتين وقد أضيف الغلامان إليه؛ فجعلوه فاعلا للقيام على طريق الاتساع، ونصبوا الغلامين بقائم على طريق التشبيه باسم الفاعل الذي يتعمل في المفعول فقالوا: جاءتني امرأتان قائمتان الغلامين، وغلامين، بغير ألف ولام، كما تقول: جاءتني امرأتان ضاربتان الرجلين، ويجوز فيها الإضافة فتقول: جاءتني امرأتان قائمتا غلامين، وقائمتا الغلامين.
والإضافة إنما تسوغ بعد أن يسقل الفعل إلى الأول الموصوف، ويجعل ضميره الذي كان مجرورا فاعلا، ويجعل سبب الموصوف الذي كان فاعلا مفعولا ثم يضاف، فالإضافة داخلة عليه بعد دخول النصب فيه، والنصب لا يجوز فيه إلا بعد أن ينقل الضمير الذي كان يرجع إلى الموصوف فيجعل فاعلا. ونظيره في المسألة التي ذكرتها، إنه لا يجوز أن تقول: جاءتني امرأتان قائمتان غلاميهما، لأن القيام للغلامين، ولا طريق إلى أن تجعل في قائمين ضميرا