الثاني: من حصل له العلم بدليل لَا يقدر على التعبير عنه، وهذا يختلف فيه هل هو مقلد أو مجتهد.
والثالث: من حصل له العلم أنه بالدليل القوي يقدر على دفع ما يرد عليه من التشكيكات، وعلى تربية النَّاس وإرشادهم به إلى الطريق الحق، كان سيدي أبو الحسن الزبيدي على صحن الجابية وهو ينظر [منتهى السول للآمدي*]، قال: قلت في نفسي: [عذرا يا سيدي أبا الحسن*]، هل هو من الصديقين أم لَا؟ فطوى الكتاب.
كان سيدي أبو الطاهر الركراكي يقول: نحن معاشر الصديقين آخر من ينصرف من المحشر ثم رجع ينظر في الكتاب.
قال ابن عرفة: ما ورد في الحديث من أن إبراهيم صلى الله على نبينا محمد وعليه وعلى آله وسلم لم يكذب إلا ثلاث كذبات ليس على ظاهره، وما عدها إبراهيم كذبات إلا تواضعا منه، وإلا فقوله:(بَل فَعَلَهُ كَبِيرُهُم هَذَا) ليس بكذب، بقوله:(إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ) فقد فعله كبيرهم هذا وهم لَا ينطقون فلم يفعل هو.
قوله تعالى: {يَا أَبَتِ ... (٤٢)}
النداء له تنبيه ليحضر ذهنه لسماع ما يرد عليه، ولم يقل: يا آزر على جهة اللطف والاستعطاف، ومن التلطف سؤاله عن سبب عبادته لمن هو عاجز، وهو قوله (وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا) إشارة إلى أنه مفتقر لمعبود يغني عنه وينفعه ويضره.
قال ابن عرفة: يحتمل أن يكون استفهاما حقيقة؛ ليحصل المشاكلة بينه وبين قول إبراهيم (لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ) كأنه أيضا استفهام حقيقة يرد السؤال لَا في استفهام إبراهيم عن العلة في عبادته أبيه عن نفس العبادة، واستفهام آزر عن ذات الشيء لَا عن علته، هل هو راغب عن آلهته أو يعبدها؟ قال: وأجيب بثلاثة أوجه:
الأول: أن هذا منه على سبيل المغالطة، وإلا فهو يعلم أن إبراهيم يرغب عن آلهته.