ابن عطية: عن ابن عباس رَضِيَ اللَّهُ عَنْه وجماعة (صد) النبي عن البيت سنة ست ودخلها سنة سبع فنزلت آية: «الشهر الحرام» الذي دخلتم فيه الحرم «بالشهر الحرام» الذي صدوكم فيه عنه.
وقال الحسن بن أبي الحسن البصري: سأله الكفار هل يقاتل في الشهر الحرام؟.
فقال: لا، فهمُّوا بالهجوم عليه فيه فنزلت، أي هو عليكم كما هو عليهم إن تركوا فيه القتال فاتركوه وإلا فلا.
قال ابن عرفة: الأول: بناء على أنهما شهران من سنتين، والثاني: على أنه شهر واحد من سنة واحدة وتعدده لأجل تعدد حالاته.
قوله تعالى: {فاعتدوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعتدى عَلَيْكُمْ}.
قال ابن عرفة: فاعتدوا اعتداء جائزا شرعيا فلا يجوز لمن زني بأخته أو ابنته أن يزني بأخت الزاني أو ابنته.
قوله تعالى: {وَأَنْفِقُواْ فِي سَبِيلِ الله ... }.
قال ابن عرفة: (هو عندي يتناول النفس والمال، أي أنفقوا ما يعز عليكم في سبيل الله) لقول الزمخشري في غير هذا: إن المفعول قد يحذف قصدا للعموم.
(قلت: أظنّه ذكره في قوله تعالى {فَأَمَّا مَنْ أعطى واتقى} قوله تعالى: {وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التهلكة ... }.
قل الزمخشري: الباء زائدة أي لا تجعلوا التهلكة آخذة بأيديكم مالكة لكم، والمعنى النهي عن ترك الإنفاق في سبيل الله لأنه سبب الهلاك أو عن الإسراف في النفقة حتى (يفقر) نفسه ويضيع عياله.
قلت لابن عرفة: إن أريد النهي عن ترك الإنفاق في سبيل الله يكون في الآية دليل على أن الأمر بالشيء ليس نهيا عن ضده إذ لو كان قوله {وَأَنفِقُواْ فِي سَبِيلِ الله} ملزوما للنهي عن ترك النفقة (في سبيل الله) لما احتيج إلى قوله {وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التهلكة}؟
فقال لي: إن قلنا إن الأمر يفيد التكرار فيتم ما قلت، وإن قلنا إنه لا يفيده فيقال إنه مطلق والمطلق يصدق بصورة، فمهما أنفق في سبيل الله ولو مرة واحدة كان ممتثلا. وأتى بالنهي بعده ليفيد التكرار.
قوله تعالى: {وأحسنوا إِنَّ الله يُحِبُّ المحسنين}.