عندهم من أسباب الراحة، فكان الظل كناية عن المبالغة العظيمة في الراحة وهذا مما يميل إليه الخاطر مع أنه مرجوح، والظاهر أنه ليس منه؛ لأن هنا مجرورين فقط.
قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا ... (٥٨)} .. قال ابن عرفة: يؤخذ منه أن من تعدى عليه أحد ثم ائتمنه على شيء فإنه لَا يجوز له أن يخونه، وفيه خلاف المشهور أنه يجب عليه أن يرد أمانته، وقيل: يجوز له أخذها، قلت: حكى ابن رشد في جامع بيانه: منع مالك من ذلك في المدونة وكرهه في رواية أشهب عنه، وأباحه ابن عبد الحكم، والرابع استحباب الأخذ وهو مذهب ابن الماجشون إن كان عليه دين، فإِن كان عليه لحر يأخذ الأقدر ما يجب له في المحاصة، وهو قول خامس في المسألة، ابن رشد وأظهرها إباحة الأخذ، ابن عرفة: واحتج المانعون بحديث: "أد الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك" على أن في صحة الحديث نظر، وأجيب بأنها ليست خيانة، وأجيب: عن هذه الآية بأن هذا ترد إليه الأمانة ليس من أهلها فللمؤتمن أن يجحدها وعورض بقوله تعالى: (فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ) ورد بأنه لَا يحل له جحدها وله أن يتعدى عليها ويأخذها من زيها جهارا أما اختلاسا على هذه الصفة فلا، وقال في كتاب الجهاد في الأسير: يؤتمن على حال أنه لَا يحل له أن يخون فيه، وإن ائتمن على نفسه، وقال سحنون: يجوز له أن يذهب، وقال: لَا يجوز له.
قال أبو حيان: هذا مثل قوله تعالى: (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتِ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهنَّ) فالعامل في المعطوف عليه من مفعول أو ظرف ومجرور.
ورده ابن عرفة بأن (خَلَقَ) هنا عامل في المجرور وفي (مِنَ الأَرْضِ) وهنا العامل في أن (تُؤَدُّوا) يأمركم وليس العامل في (إِذَا) أن الأمر ليس هو وقت الحكم، فقال: إنما المعتبر الأمر فما العامل في (إِذَا) إلا جوابها، قال: والثاني عامل قيل: ليس المراد حقيقته فإن الحكم بالعدل يتناول البهائم، فقال ابن عرفة: هذا مذهب مالك؛ لأنه لَا يجب علينا الحكم في البهائم، فإذا رأى القاضي رجلا جوع عبده وجوع حماره فإنه يحكم عليه بإطعام عبده ولا يحكم عليه بإطعام حماره، بل يبدأ به إلى ذلك ولا يجبره عليه، قال ابن رشد: وعكس أبو يوسف فقال: يجبره على إطعام دابته، ولا يجبره على إطعام عبده؛ لأنه ينطق ويناظر عن نفسه بخلاف الدابة.