للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

السامري، فإنه هو الذي صنعه ونسب فعله إلى جميعهم؛ إما لأن السامري منهم فهو من مجاز تسمية الكل باسم البعض على جهة التقليب، وإما أنهم رضوا بفعله فهو من باب استعمال اللفظ في حقيقته ومجازه، وإما معنوي ونسبة الكل إليهم حقيقة لأنهم انخذوه إلها ..

قوله تعالى: (جَسَدًا).

قالوا: أفاد الوصف به أنه لَا روح فيه، وقيل: إثارة إلى أنه لَا رأس له.

ورده ابن عرفة بقوله تعالى: (وَمَا جَعَلنَاهُم جَسَدًا لَا يَأكُلُونَ الطعَامَ) قال: وعندي أنه أفاد التبكيت عليهم من أنهم عبدوا من لَا يستحق العبودية؛ لأن الإله منزه عن الجسمية والتحيز.

قوله تعالى: (أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لَا يُكَلِّمُهُمْ وَلَا يَهْدِيهِمْ سَبِيلًا).

ابن عرفة: أخذوا منه إثبات صفة الكلام لله تعالى.

قوله تعالى: (وَلَا يَهْدِيهِم سَبِيلًا).

يتضمن العلم والقدرة والإرادة، وكان بعضهم يستشكل الآية، ويقول: ظاهرها أن وجود الكلام وهداية السبيل علامة على الألوهية، وهذا المعنى ثابت في الرسل فيلزم أن كل واحد منهم إلها.

وأجيب بأنه استدلال بنفي الإلزام على نفي الملزوم، ولأن من لوازم الإله أن يكون متكلما هاديا السبيل، فإذا انتفى هذا اللازم من الشيء انتفى عنه ملزومه وهو الألوهية؛ فيلزم من نفي اللازم نفي الملزوم ولا يلزم من ثبوته ثبوته.

قال ابن عرفة: وعادتهم يجيبون بأن الآية دلت على أن عدم الكلام نفي الملزوم وهو عدم الكلام وعدم الهداية؛ لأنه إذا انتقى عدم الألوهية ثبتت الألوهية؛ فكل من ثبتت له الألوهية ثبت له الكلام والهداية، ولا يلزم من نفي الملزوم نفي اللازم؛ لأنه لا يلزم من نفي عدم الكلام نفي عدم الألوهية؛ أي: لَا يلزم من ثبوث الكلام ثبوت الألوهية.

قوله تعالى: {وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا ... (١٥٠)}

قال ابن عرفة: عادتهم يوردون في هذه الآية استشكالين:

أحدهما: أن حكم الحاكم من باب تغيير المنكر حسبما ذكره الشيخ عز الدين، فيقال: الحاكم إذا عرض له طريقان قريبة وبعيدة أنه ينبغي له أن يسلك القريبة ويترك

<<  <  ج: ص:  >  >>