للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

احتجّ ابن الخطيب بها على أنّ الأمر بالشيء ليس نهيا عن ضده إذ لو كان كذلك لما كان لقوله «ولاَ تَتَّبِعُوا» فائدة.

قال ابن عرفة: إنما يتمّ له هذا (على) القول بأن الأمر للتكرار مع أنّ الصحيح أنّه مطلق يخرج المأمور من العهدة بالمرة الواحدة والنّهي يقتضي الانتهاء دائما ففيه زيادة فائدة لم تكن في الأمر.

قال ابن عرفة: والاتباع في الاصطلاح كما قال الفخر الرازي في المعالم: أن يفعل فعل المتبوع (لأجل) أنه فعله.

قيل لابن عرفة: هذا فعل في سياق النفي فهو عام في جميع وجوه الاتباع؟

فقال: إنما يعم في مسمى الاتباع فقط كقولك: لا عين عندي. إنما يعم في مسمى العين الذي حملته عليه وهو المال مثلا أو غيره.

قوله تعالى: {خُطُوَاتِ الشيطان ... }.

أبو حيان عن ابن أبي مريم صاحب الموضح: سكنت تخفيفا عن ضم مقدر منوي إذ هي حركة فارقة بين الاسم والصفة كما في جمع «فعلة» المفتوحة الفاء.

قال ابن عرفة: إنّما يكون الفرق باللّفظ لا (بالنّية). فرد عليه بمثل ذلك بوجهين للمفرد والجمع (بالنية).

فقال: قد ذكروا في ذلك أنّ حركته صغيرة بالنّسبة إلى حركة أخرى ولم يجعلوا (للنّية) فرقا.

قيل لابن عرفة: قد فرق المنطقيون بين العدول والتحصيل (بالنية).

فقال: المراد منهما أنّ الحركة منوي بها ذلك من أول، وهنا ليس كذلك.

قوله تعالى: {فَإِن زَلَلْتُمْ مِّن بَعْدِ مَا جَآءَتْكُمُ البينات}.

فيه سؤالان الأول أن قبلها {ادخلوا فِي السِّلْمِ} والأمر بالدخول يقتضي أنّهم غير مسلمين وقول الله تعالى: «فَإِن زَلَلْتُمْ» يقتضى

أنَّهم مسلمون ثم زلوا بعد ذلك قال الله تعالى: {فَأَزَلَّهُمَا الشيطان عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ} وأجيب بأنّه مثل: {الله وَلِيُّ الذين آمَنُواْ يُخْرِجُهُمْ مِّنَ الظلمات إِلَى النور} لأن الكفار لما كانوا متمكنين من الإيمان فكأنهم حصل لهم الإيمان بالفعل.

(السؤال) الثاني: الآية خرجت مخرج التقسيم لحالهم والتقسيم الأصل فيه أن يكون بالواو. تقول: العلم إما تصور وإمّا تصديق، ولا يجوز عطفه بالفاء، فقسم حال هؤلاء إلى من دخل في الاسلام ولم يتبع الشيطان وإلى من زلّ عن الإسلام بعد

<<  <  ج: ص:  >  >>