الإجماع من الفريقين يقتضي أن الضمير لمطلق الربط. (فالمعتزلة) يحملون الآية على مذهبهم ويجعلون مرتكب الكبيرة مخلدا في النار.
وأهل السنة يجعلونها على مذهبهم لكن الضمير ليس هو للحصر ليدخل الكافر غير المشرك فقط.
قوله تعالى: {ياأيها الناس كُلُواْ مِمَّا فِي الأرض حَلاَلاً طَيِّباً ... }.
قال ابن عرفة: هذا الأمر إما للوجوب أي أوجب الله علينا الأكل لأنّ به قوام الأجسام، أو لوجوب الأكل من الحلال. وإما للندب أو للإباحة وفيه دليل على أنّ الأشياء على الحظر، أو على الإباحة.
ابن عرفة: وهو أظهر، لأنّ لو قلنا إن الأشياء كانت على الحظر فيلزم عليه الإجمال في هذا الأمر لأن من جملة ما في الأرض النبات والسباع وغير ذلك.
قوله تعالى: {وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشيطان ... }.
من مجاز التمثيل فإنه ليس المراد النهي عن اتباع خطواته حقيقة إذ لا نراه نحن بل الخطوات (معنوية).
قوله تعالى: {إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بالسوء والفحشآء ... }.
وقال (ابن عرفة): لأن العدو (قد) يأمر بالخير وهذا العدو لا يأمر إلا بالشر.
قيل لابن عرفة: فيه دليل على أنّ الأمر لا يشترط فيه العلو بل الاستعلاء فقط، لأن الشيطان أسفل من مأموره.
فقال: إنّما هو أسفل منه شرعا وهو في الوجود أعلى لاستعلائه عليه من حيث لايراه ولا يشعر به. وأورد الزمخشري على هذا قوله تعالى {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ} قال (كان) أمرا مع تلك الآية.
وأجاب عن ذلك بأنَّه شبّه تزيينه وبعثه على الشّر بالأمر وقبول العباد وساوسه بامتثال الأمر.
قال ابن عرفة: أو يجاب بأن تلك مقيدة بالسّلطان وهو الحجة أو بلفظ العباد، فالعباد لا يتسلط عليهم ولا تقوم له عليهم حجة ولذلك أضافهم الله إليه إضافة تشريف، وقوله {بالسوء والفحشآء} يحتمل أن يكون السّوء ما لم يرتب الشارع عليه الحد (والفحشاء ما رتب عليه الحد، والسوء الصّغائر) والفحشاء الكبائر.
قوله تعالى: {وَأَن تَقُولُواْ عَلَى الله مَا لاَ تَعْلَمُونَ}.