أحدها: خطابهم له بلفظ الرجاء، والثاني: قد المقتضية للتوقع مع الماضي دون التحقيق، فقالوا:(قَدْ كُنْتَ فِينَا مَرْجُوًّا)، والثالث: قولهم (وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ) ابن عرفة: الريب أخص من الشك فلذلك وصف به، قلت: وانظر ما تقدم في براءة في قوله تعالى: (وَارْتَابَت قُلُوبُهُمْ).
قال ابن عرفة: قالوا [سلام الملائكة بليغ من جهة المصدر*]، وسلام إبراهيم بليغ من جهة إتيانه معبرا عنه بالاسم دون الفعل، والاسم يقتضي الثبوت واللزوم، ولذلك قال الشاعر:
وكان بعضهم يقول: إنما إلى سلام الملائكة بالفعل، وسلام إبراهيم بالاسم من ناحية أن سلام الأشرف بعيد على المشروف فما يتوهم عدم وقوعه بالفعل المقتضي للوقوع والتجرد، وسلام المشروف على الأشرف لَا يستغرق وقوعه، وإنما يتوهم فيه عدم الدوام بحصوله ثابت في الذهن؛ وإنما المتوهم انقطاعه وعدم دوامه فعبر عنه بالاسم المقتضي للثبوت واللزوم دائما، وقيل لابن عرفة: هذا على القول بأن الملائكة أشرف من الأنبياء، فقال: وإذ قلنا إن الأنبياء أشرف؛ فسلام الملائكة مما يستغرب؛ لأنه من سلام الجنس على غير جنسه، أما الرد فلا يستغرب، وانظر ما تقدم في أول سورة الفاتحة، وفي سورة الأنعام قوله (فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ).
قوله تعالى:(وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا).
قال ابن عرفة: جرت عادة المفسرين في القرآن إما تسلية للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، أو لتخويف الكفار وزجرهم لما جرى لمن قبلهم.
قوله تعالى:(مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ).
إشارة إلى كمال افتقارهم؛ لأن الإله هو المفتقر إليه، وقولكم له (لَكُم) إشارة إلى عدم استقلالهم، وكمال احتياجهم إليه.