للأول أو أعم منه، ويلزم من نفي الأعم نفي الأخص، ولا ينعكس، وكذلك يلزم منه تقدم المسبب على [سببه*] إذا كان أخص، فإن قلت: هلا أفرد القول، فيقال: لو تقول علينا قولا، لأن العقوبة على الكذب في القول الواحد، تستلزم العقوبة على الكذب في الأقوال المتعددة من باب أحرى، فالجواب: أن القول تارة يكون مشتملا على جملة [واحدٌ*] مدلُولها، وتارة يشتمل على جمل بعضها صدق، وبعضها كذب، فتضمنت هذه الآية أنه لو تكلم بأقاويل تقول علينا في بعضها، وصدق في البعض، [لنلنا منه عقابه*] بالعقوبة الشديدة، فيستلزم من باب أحرى مخاطبته بالعقوبة، [لو تكلم بقول واحد كله كذب*].
استدل بعضهم بهذه على أن الفاء في جواب الشرط لتأكيد التعقيب، فضلا عن أن تكون للتعقيب، حسبما ذكر الأصوليون والفقهاء الخلاف في قوله تعالى:(إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ)، وتقرير الدليل من هذه الآية، أَن جواب الشرط فيها لو لم يفهم على [أنه*] عقيب الشرط لما صح الاحتجاج على الكفار، لأنهم يقولون: تقوَّل، وعقوبته مؤخرة، وليست عاجلة في الدنيا، فلا يستقيم الاستدلال عليهم بهذا، فلولا أن جواب الشرط بذاته يقتضي التعقيب من غير احتياج إلى إدخال [العاقبة*] لما استقام هذا دليلا على الكافرين، فدخول الفاء مؤكدة للتعقيب، ويستحيل أن يكون الفاء غير مفيدة للتعقيب، لأنه يناقض معنى ملزومية الشرط لجوابه [ ... ]. بأن ذلك الاختلاف [**إنما موجب يكون جواب] الشرط أو نهيا، وأما إذا كان جوابه خبرا، فلا خلاف فيه، أو يقال إن التعقيب هنا مستفاد من القرينة لَا من نفس اللفظ، لكن يقال: الأصل عدم القرينة، قال القرطبي: يحتمل أن [يريد*] باليمين القوة، و (من) زائدة، أي [لأخذناه*] بالقوة، وحكى هذا في غاية الضعف، لأن (من) لَا تزاد في الواجب.
قوله تعالى: {فَمَا مِنْكُمْ ... (٤٧)}
إن قلت:[هلا عطفه بالإفراد كالأول*]؟ فالجواب: أن النصرة مهما تصورت، فلا تكون إلا من الجماعة عقب نزول البلاء، وإن تراخت [عنه*] وأبطأت، فلا فائدة فيها [**والقيام صح].