من باب عطف الصفات لَا الموصوفات، لئلا يلزم عليه تعدد الآلهة.
فإن قلت: هلا قال: ربنا، فيغلب ضمير المتكلم، لأنه الأصل؟ فالجواب: إنه قال (وَرَبِّكُمْ)، ليدخل فيه فرعون وقومه، ولو قال: وربنا، ما دخل فيه فرعون.
قوله تعالى: {يَا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشَادِ (٣٨)}
ابن عرفة: اتبعوني بالإيمان، كقولك: قال الصالح: اتبعوني في الصلاح.
وقال الفقيه: اتبعوني في الفقه.
قوله تعالى: {إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ ... (٣٩)}
أي تمتع زائد، والتمتع أمر عرضي، والعرض لَا يبقى زمنين، والقرار وهو دائم لأن مذهبنا: أن الأجسام فانية؛ ولابد لها من مستمر، والمتاع راجع إلى نفي المانع، والقرار راجع إلى وجود المقتضي؛ لأن التمتع مانع من الزهد في الدنيا والتقشف، وكون الآخرة دار مستقر تقتضي وجود الحرص على [الأسباب الموصلة*] إليها.
قوله تعالى: {بِغَيْرِ حِسَابٍ (٤٠)}
أي رزقا كثيرا دائما غير منقطع؛ لَا يحاسبون على كثيره بشيء.
قوله تعالى: {فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ ... (٤٤)}
ابن عرفة: كان بعضهم يقول في مثل هذا، وفي قوله تعالى: (مَا وَعَدَ الرَّحْمَن وَصَدَقَ الْمُرسَلُونَ)، إنما المخبر بالشيء قبل وقوعه؛ تارة يخبر به لموجب ودليل عام عنده، وتارة يكون خبره لغير موجب، فإن أخبر به لموجب ثم وقع نحو ما أخبر به كان خبره صدقا، وإلا كان اتفاقيا ولم يكن صدقا، وكان يستشهد على ذلك بقول مالك رحمه الله فيمن حلف بالطلاق؛ لتمطرن السماء غدا فأمطرت؛ فإنه تطلق عليه زوجته؛ لأن ذلك أمر اتفاقي لَا دليل عليه، فمعنى الآية سيظهر لكم صدقي وتندمون على اتباعي فيه؛ وتعلمون أني إنما قلته لكم لدليل ظهر لي وخفي عنكم.
قوله تعالى: {النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا ... (٤٦)}
نقل ابن عطية، عن الأوزاعي، أنه قال له رجل: [إني رأيت طيورا بيضا تغدو من البحر ثم ترجع بالعشي سودا مثلها، فقال الأوزاعي: تلك هي التي في حواصلها أرواح آل فرعون يحترق رياشها وتسود بالعرض على النار*].