القرية وَكُلُواْ} قلت: نقل (لي) عن القاضي أبي عبد الله محمد بن عبد السلام أنه قَال: إن كانت القصة واحدة، وتلك مكررة بهذه، فعبر
فيها ب «قيل لهم» عن «قُلْنَا» التي في هذه، وأخبر بما بعد الدخول وهو السكنى (لالتزامها) إيّاه وان (كانا) قصتين فتلك بعد هذه. وأجاب أبو جعفر (الزبير) بأنهم أمروا أولا بالوسيلة وهو الدخول، ثم أمروا (بالمقصد) وهو السكنى.
قال الشيخ أبو جعفر: وعطف هنا بالفاء لأن الأكل من الموضع (لا يكون) إلا بعد الدخول عليه وعطف في الأعراف (بالواو) لأنّ السكنى قد تقارن الأكل، وقد يتأخر عنه، وقد يتقدم (عليه)
قال ابن عبد السلام: أو هما قصتان أو يقال: لما فيهم التعقيب من الأول لم يحتج إلى إعادته في الثانية وقال هنا: {حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَداً}. وأسقط في الأعراف (رغدا) لأن السكنى يفهم منها الملازمة والدوام وعطفها على الأمر بالأكل من حيث شاء، وأشعر بدوام الأكل من غير مانع (فتحصل) فيه معنى الرغد (فأغنى) عن ذكره هناك وقال هنا {نَّغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ}،
وفي الأعراف على قراءة الجماعة غير أبي عمرو وابن عامر، (نَغْفِرْ لَكُمْ) خَطَايَاكُمْ، مجموعة جمع سلامة ولأن آية البقرة (بنيت) على كثرة تعداد النعم فناسبت جمع الكثرة وآية الأعراف لم يبالغ فيها بكثرة تعداد النعم فناسبت جمع القلة وهو جمع السلامة.
وقلت: ونقل/ لي عن القاضي ابن عبد السلام أجاب بأن آية البقرة صدرت ب «إِذْ قُلْنَا» المكنى به عن الله تعالى فناسب جمع الكثرة (ولما ذكر) هنا {وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ} بحذف الفاعل فناسب جمع القلة، وقال هناك «وَسَنَزِيدُ» بالواو وفي الأعراف بغير واو لأن البقرة بولغ فيها بتعداد ما لم يبالغ في الأعراف، أي ولنجزي المُحْسِنِينَ على مَا تَقَدّم من تعداد النعم بالعفو وزيادة الإحسان.
قوله تعالى:{فَبَدَّلَ الذين ظَلَمُواْ قَوْلاً غَيْرَ الذي قِيلَ لَهُمْ ... }
قال ابن عرفة: يكون القول بذاته مصروفا (لنقيض) الشّيء، فينصرف إلى ذلك الشيء باعتبار حال المخاطب، وعَبّر ب «الَّذِينَ ظَلَمُواْ» ولم يقل: فَبَدَّلَ الظالمون، لأن تعليق الذم على الوصف الأعم يستلزم الذم على الأخص من باب أحرى، (وكذلك ذمّهم على) تبديل القول يستلزم (ذمهم) على تبديل الكلام (من باب أحرى) لأنه إذا (بدل) أحد قرار المركب انتفى عنه التركيب. فإن قلت: هؤلاء إنما بدلوا غير القول الذي قيل لهم، ومن بدل غير (ما) قيل له يذم، وإنّما يذم من