إما أن يراد الغم بالحسرة، أي حسرة بعد حسرة، ومصاحبة بحسرة وأثابكم فما بسبب ما تسببتم من غم الكفار يوم بدر، وهذا الأخير ضعيف إلا أن يتاول بأنه تسليه لهم، ولفظ الثواب على هذه حقيقة لَا تهكم.
أبو حيان: نعاسا يمتنع أن يكون مفعولا من أجله؛ لأنه ليس مفعولا لفاعل الفعل المعلل.
ابن عرفة: إلا لو كان نعاسا؛ لأنه من أنعس الله فلانا، وأما هذا فإنما هو من قولك: نفس زيد ففاعله ليس هو الله بخلاف فاعل الإنزال.
قيل لابن عرفة: مذهب الأشعرية، أن لَا فاعل في الحقيقة إلا الله ونسبة الفعل إلى العبد مجاز، فقال: المفعول من أجله إنما ينتصب الفعل لمن يصح وقوع الحدث منه كقوله: جئت إكراما لك؛ لأنك تقول: أكرمت المجيء والنعاس يستحيل وقوعه من الله، وإنما يقع من المخلوق، والواقع، من الله هو الإنعاس، وقال تعالى في الأنفال:(إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً) فقدم النعاس، فأجاب ابن عرفة: بأن فاعل الغشيان هناك، هو النعاس، فلذلك قدم الأمنة واختلف الزمخشري، وابن عطية، فقال الزمخشري عن أبي طلحة: غشينا النعاس ونحن في مصالحنا، فكان السيف يسقط من يد أحدنا فيأخذه، وما أحد إلا ويميل تحت [حجفته*]، يعني درقته، فعبر بلفظ النعاس في كتاب الظهار أنه أوائل النوم، ونص على أن ذلك كان في معركته القتال، لقوله في مضافا، وعبر ابن عطية ونص على أن ذلك إنما كان بعد ارتحال أبي سفيان من موضع الحرب، وانفصال القتال، وهو ظاهر الآية لقوله تعالى:(ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ) فعطفه بـ (ثم) التي تهمله، ونص حديث أبي طلحة البخاري في كنت فيمن يغشاه النعاس حتى سقط سيفي من يدي مرارا يسقط وآخذه، وقرئ (يَغْشَى) بالياء والتاء، فالتذكير لنفس النعاس، والتأنيث لمعناه، قلت: وهو السنة، أبو حيان: والأمنة مفعول من أجله؛ لأن المُؤَمِّنَ هو الله تعالى، وهو الفاعل وعكس المختصر الأمن، إلا أن يقال: الأمن مفعول، كقولك: أمن زيد يستدعي أن غيره أمنه فهو مؤمن والله أمنهم.