للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عائد على المتلوّ من القرآن لا (على) نفس القرآن.

(أقول: أو إن الضمير يعود على ما أخبر به جبريل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ من أسرارهم الّذي كان سببا في عداوتهم، له كما تقدم في سبب النزول من قولهم لعمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْه، وهو قريب من الجواب الثاني)، وتقدم في الختمة الأخرى.

قال بعض الطلبة (لابن عرفة): اعتزل الزمخشري فقال: إذا كانت عداوة الأنبياء كفرا فما بالك بعداوة الملائكة وهم أشرف {فجعله أشرف من بني آدم ولا ينبني عليه كفر ولا إيمان؟

قال ابن عرفة: فقوله على هذا {مَن كَانَ عَدُوّاً لِلَّهِ} تدل، وهو من باب التذييل لما قبله، ومعناه أن يكون اللّفظ بزيادة قوله تعالى: {وَمَا يَكْفُرُ بِهَآ إِلاَّ الفاسقون} فيه دليل على أن الاستثناء من النفي إثبات.

قيل لابن عرفة: من (عاداك) فقد عاديته فما أفاد قوله: {فَإِنَّ الله عَدُوٌّ لِّلْكَافِرِينَ} فقال (العداوة) ليست متعاكسة النسبة بدليل قول الله عَزَّ وَجَلَّ ّ} {ياأيها الذين ءامنوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلاَدِكُمْ عَدُوّاً لَّكُمْ فاحذروهم} مع أن الآباء ليسوا أعداء لأولادهم.

قيل له: هي متعاكسة؟

فقال: «من» خارج بالدليل العقلي لا من جهة اللفظ والمادة.

قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَنزَلْنَآ إِلَيْكَءَايَاتٍ بَيِّنَاتٍ ... }

قيل لابن عرفة: إن أريد المعجزات فظاهر، وإن أريد آيات القرآن فيؤخذ منه امتناع تخصيص السنة بالقرآن، والقرآن بالسّنة لأنّه كله بيّن؟

فقال: نقول إن القرآن بين من حيث دلالته على صدقه من جهة لفظه المعجز وفصاحته، وإن كان معناه (مجملا) لا يفهم فلا يمتنع فيه بيان (القرآن) بالسّنة.

قوله تعالى: {أَوَكُلَّمَا عَاهَدُواْ عَهْداً نَّبَذَهُ فَرِيقٌ مِّنْهُم ... }

قال ابن عرفة: ذمّ الإنسان على عدم العمل بما كان التزم العَمَلَ به أشد من ذمه على إنكار ما يعلم صحّته. وقال بعضهم: النّبذ طرح خاص، وهو عدم الاعتناء بالشيء لحقارته وذمامته وانظر تنبيهات القاضي عياض من العتق الثاني.

قال ابن عرفة: وهذه تسلية له صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لأنه لما تقدم ذكر إنزال الايات البينات وكفرهم بها عقبه ببيان أن ذلك شأنهم وعادتهم فلا يلحقك/ بسببه (ضجر) ولا حزن بوجه. فإن قلت: هل يؤخذ منه أن العهد لا يقبل النقض لأجل ذمهم على نقضه؟

فالجواب من وجهين: إما بما تقرر في كتاب الإيمان والنذور من أنه في الحكم الشرعي على قسمين: عهد يقبل النّقض، وعهد لا يقبله، وهذا من الذي لا يقبله، وإما بأن الذي

<<  <  ج: ص:  >  >>