السؤال بـ (لم) عن صلة الحكم والعادة في خطاب الأشراف تقديم لفظ المخاطب أو زوال ما [يتوقَّاه*] ويخافه، كقوله تعالى:(عَفَا اللَّهُ عَنكَ)[التوبة: ٤٣]، وكذلك تصدير الخطاب هنا ب (أَيُّهَا النبِيِّ)، دال على الاعتناء بشأنه عظيم [تُحَرِّمُ*] وعبر هنا عن ما وقع العتب عليه بالمضارع، وفي قوله تعالى:(لِمَ أَذِنْتَ لَهُم)، بالماضي لدوام متعلق التحريم، وانقطاع [تعلق*] الإذن والتحريم قسمان حكمي والتزامي، [فقولك*] حرم أبو حنيفة هندا، أي أفتى أو حكم بتحريمها لا على بعلها، وحرم زيد هندا، أي التزم تحريمها، وهذه الآية من القسم الثاني، فإِن قلت: الاستمتاع بها جائز له فعله وتركه، فإذا حرمه فقد أخذ الجائزين فلم عوتب؟ قلنا: لَا تسلم أنه يجوز تركه بالتحريم، بل الفعل والترك من غير إضافة تحريم إليه هو المباح.
الأصل [استعمال*] اللفظ في مفهومه الحقيقي، وتقرر أن الكلام لَا يتركب مع أجزاء متنافية، ومفهوم فرض الحقيقة [ ... ] مفهوم الحلية إما للإباحة أو ما هو أخص منها، فلو كان المراد [بالفرض*] والحلية مفهوميهما [الحقيقيين*]، للزم منه تنافي الكلام لتنافي أجزائه، فيكون واجبا مباحا، هذا [**خلف فلأجل دليلته] ما أريد بهما [مفهومهما الحقيقيان*]، بل أريد [بالفرض*] البيان، وبالحلية حلية العقد، أي قد بين الله لكم حل عقد أيمانكم، ويصح أن يقال للمباح واجب، لأنه قد يلحقه الوجوب لعارض، وإنما يمتنع ذلك في الواجب لذاته لَا لعارض، كما تقول أكل الجراد مباح، والمباح واجب على أنه محصل للواجب، وهو مدخلة الجوع، وفي الآية التفات لقوله تعالى:(لَكُمْ)، ولم يقل ذلك.
قوله تعالى: {إِنْ تَتُوبَا ... (٤)}
الأكثر في الخطاب التكليفي، أن يؤتى فيه بصيغة الأمر، كقوله تعالى:(وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا)، فأجيب: بأن الخطاب إن كان لمن يتأثر [به*] أتى به في سياق الشرط تشريفا له وتلطفا في الخطاب، وإن كان بحيث لَا يتأثر، أتى أمرا صريحا [نقض*] عليه بقوله تعالى في براءة (فَإِنْ تُبْتُم فَهُوَ خَيرٌ لَكُمْ)