قال بعضهم -أظنه السهيلي-: فائدة هذه الصفة ما أشار إليه في الحديث "أنا النذير العريان" فقال هنا المدثر على سبيل الحض له على التدثر كما أشار إليه الزمخشري في (يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ).
قوله تعالى: {فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ (٨)}
في الآية إشكالان، معنوي ولفظي، أما الأول: فإِذا ظرف بمعنى الوقت؛ فالمعنى: فإذا حضر وقت النقر في الناقور، فذلك الوقت وقت أن ينقر في الناقور، وقت تمييز؛ لأن التنوين في (يَوْمَئِذٍ) عوض من الجملة المحذوفة المفهومة من (إِذَا نُقِرَ).
إلا أن يقال أن (يَوْمَئِذٍ) بدل من ذلك.
الإشكال الثاني: أن [إذ*] ظرف لما يستقبل من الزمان و [إذا*]. ظرف لما مضى، فكيف صح اجتماعهما في كلام واحد؛ لأنه إن كان ماضيا فلا معنى لـ[إذ*]، وإن كان مستقبلا فلا معنى لـ[إذا*]، والجواب: أنه مستقبل وأدخلت [إذا*] لوجهين: إما لتحقيق وقوعه مثل (أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ)، وإما باعتبار ما يأتي بعده من الأمور المستقبلة عنه، فهو ماض بالنسبة إليها.
قوله تعالى: {إِنَّهُ فَكَّرَ ... (١٨)}
من الأصوليين من جعل الفكر عين النظر، وهو الفخر، قال: النظر والفكر ترتيب أمرين ليتوصل بهما إلى ثالث، ومنهم من جعلهما متغايرين، وهو إمام الحرمين، فالفكر هو استحضار أمور ومعلومات، والنظر هو ترتيبها ليتوصل بها إلى نتيجة.
قوله تعالى: {ثُمَّ قُتِلَ ... (٢٠)}
العطف بـ ثم إشارة إلى أنه لُعِنَ لعنًا بعد لعنٍ [ ... ] التكثير والتكرار مثل: [فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ (٣) ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ*]، وقال مالك في كتاب الأيمان بالطلاق: وإذا قال لها: أنت طالق ثم طالق ثم طالق إنه يلزمه الثلاث، وتوقف في العطف بالواو.