وفيه [نقول*] إن الملك عبر عن تعبير الرؤيا بالفتيا، والملأ عبروا عن ذلك بالتأويل والأصل [فيه*] مقاولة، وليس [للقوم أن يجيبوه*] على وفق ما تكلم به، فأجيب بأنه قصد الرد على الملأ في كونهم سبقوا على الملك وأخرجوا رؤياه عن التعبير في الأحكام [الفاسدة* فأجابوه*] على وفق قولهم (وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلَامِ بِعَالِمِينَ) قوله تعالى: قبل هذا (بضع سنين) انظر ما قال ابن عطية. قال القاضي في الإكمال في كتاب الفضائل على حديث ابن مسعود وفيه [فَلَقَدْ قَرَأْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِضْعًا وَسَبْعِينَ سُورَةً*] وذهب ابن ثابت في روايتان مع العلم أن [ابن عباس زاد*] أن في البضع قولين آخرين أحدهما أنه من الثلاثة إلى الخمسة، والثاني أنه من السبعة إلى التسعة.
قوله تعالى: {أَيُّهَا الصِّدِّيقُ ... (٤٦)}
ابن عرفة: إنما ينادى الشخص بالوصف المناسب لمقتضى الحال فلا يقال: للفارس في الحرب يا كريم يا حليم، وإنما يقال له: يا شجاع فلذلك قال أيها الصديق إشارة إلى ما قد علمنا منك الصدق في مقالتك. قال ابن عرفة: وفي الآية سؤالان الأول: عادتهم يقولون من القواعد المعرفة في كتب العبارة أن الرؤيا إذا قال المعبر إنها أضغاث أحلام فإنه لَا يقدر أحد على تعبيرها فلم فسرها يوسف، وجوابه أن قول الملأ لم يكن لديهم علم تام بالعبارة بل كانوا [يعرفون مبادئها*] بخلاف يوسف. السؤال الثاني: قال سبع بقرات سمان وسبع سنبلات وقال اكتفى بالبقرات عن السنبلات والعكس فأجيب بأنه لو قال سبع بقرات سمان لأفاد أنها سبع سنين خصبة وسبع مجدبة، وكلٌّ [يكون*] حصدها في الزرع أو في الغلة أو في [**اللبن]، فقال سبع سنبلات ليدل على أن خصبتها إنما هي في الزرع، ابن عرفة: لكن يرد على هذا أن يقال هلا اكتفى بذكر سبع بقرات لأنها تفيد سبع سنين خصبة في الزرع فأجبت بأنها إذا كان حصادها في السبع الأول وجوب الأخرى في الطعام فقالا وبذلك على حد قوله تعالى: (وَفِيهِ يَعْصِرُونَ) قال المفسرون يعصرون الزيت.
أي يعلمون الصدق في قول (أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ) ابن عرفة: فيؤخذ منه أن غير الواحد يفيد العلم، وقال ابن العربي إن كان الَمراد لعلهم يعلمون مكانتك فالعلم عنها بدا وإن كان المراد لعلهم يعلمون صدقك فيكون بمعنى العلم، ورد ابن عرفة: بأنه لا يعلم مكانه حتى صدقه في الأمر، وفي تفسير الرؤيا.