قلت: وزاد بعضهم عن القاضي ابن عبد السلام أن الآية أعجب لاقتضائها أنّ الموت سبب في الحياة ولأن دلالة القصاص على الحياة مطابقة ودلالة القتل عليها باللزوم.
قوله تعالى:{كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ ... }.
قال الزمخشري: الوصية للوارث كانت في ابتداء الإسلام فنسخت بآية المواريث ولقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ «أن الله أعطى لكل ذي حق حقه، ألا لا وصية لوارث».
قال (ابن عرفة): (وهذا حديث تلقته الأيمة بالقبول حتى لحق بالمتواتر وإن كان أخبار آحاد. وحكى ابن عطية عن ابن عباس والحسن أنه نسخ منها الوصية للوالدين والقريب والوارث ثم قال: وهي في آية الفرائض في النساء)(ناسخة لهذا الحديث المتواتر: قوله: «إن الله أعطى كل ذي حق حقه»). وهذا خطأ كيف يجعله متواترا والمحدثون مطبقون على أنه لم يصح، وكلام الزمخشري فيه أصوب.
ابن عطيّة:«الوَصِيَّةُ» مفعول لم يسم فاعله «لكُتِبَ» وجواب الشرطين «إِذَا» و «إن» مقدر يدل عليه ما تقدم. وتعقبه أبو حيان بامتناع تقدّم العامل في «إِذَا» عليها.
ابن عطية: يجوز أن يكون العامل في «إذا» الإيصاء المقدر المدلول عليه بلفظ الوصية والوصية. مبتدأ وهو جوابه للشرطين معا.
وتعقبه أبو حيان بأنه إذا قدر قبل «إذا» لزم تقدم العامل فيها عليها، وإن قدر بعدها فهو موصول، ومعمول الصلة لا يتقدم عليه وبأن المقدر هنا ضمير المصدر معناه كتب عليكم هو أي الإيصاء وضميره المنطوق به لا يعمل عند الكوفيين فأحرى (المنوي) بامتناع كون الشيء الواحد جوابا لشرطين معا.
وأجاب ابن عرفة بأن المعنى يقتضي كون الجواب للشرطين معا لئلا يلزم عليه فيمن حضره الموت وله مال قليل أن يؤمر بالوصية، فالأمر فيها إنما هو لمن اجتمع فيه الوصفان، ورده بعض الطلبة بأن مراد أبي حيان أنّ الجواب للشرط الأول والشرط الثاني قيد في الجواب، وجوابه محذوف يدل عليه جواب الأول والمعنى: كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الموت ... «الوصية» إِن تَرَكَ خَيْرا.
قال ابن عرفة: يلزمك أن يكون الشرط الثاني وجوابه جوابا للأول، والبحث إنما هو على أنهما شرطان وجوابان أو شرطان وجواب واحد.
قال ابو حيان: لا يجوز أن يكون جواب (إذا) مقدرا من معنى كتب (لمضيه) واستقبال الشرط.