قال ابن عطية: يشبه أن يكون سبب نزول هذه اقتراح عبد الله بن أبي أمية وتعنته إذ قال للنبي صلى اللَّه عليه وعلى آله وسلم: لا أومن لك حتى تصعد إلى السماء ثم تنزل بكتاب فيه من رب العزة إلى عبد الله بن أبي أمية، يأمرني بتصديقك.
قال ابن عرفة: سبب في ما لَا يصح أن يقرر به مناسبتها لما قبلها بوجه، قال: وإنما سبب نزولها عندي أحد أمرين، إما لأنه لما تقدمها التنبيه على وعظهم وتخوفهم بأنه أرضيته وهو وجود أعم قبلهم تعنتوا وخالفوا فأهلكوا، ومع ذلك فلم يتعظوا بهم ولم ينفع ذلك فيهم عقبه ببيان أنهم لو نزل عليهم آية سماوية لما آمنوا، وإمَّا لأن الأول إخبار لهم عن قوم مضوا كانوا كفروا عقبه ببيان أنهم كما لم ينفع فيهم الإخبار عمن هلكوا بعد أن كفروا كذلك لَا ينفع فيهم الأمر الغريب المشاهد الذي لمسوه بأيديهم.
قال ابن عرفة: والآية تدل على أن العلوم تتفاوت فالعلم المحسوس هو أقرب وهذا نظير ما قرروه من أن النظر يعرض له الغلط والاختلاف خلاف اللمس.
قوله تعالى:(لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا). هذا من وضع الظاهر موضع المضمر، أي: لقالوا.
قوله تعالى: {وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا ... (٩)}
قال ابن عرفة: هذا من القياس المقسم أي لو جعلناه ملكا لما آمنوا؛ لأنه إما أن يجعل ملكا على صورة الملائكة، أو ملكا على صورة رجل، فإن جعل على صورة الملائكة فلا يستطيعون النظر إليه وإن نظروا إليه هلكوا، وإن جعل ملكا في صورة رجل فإنهم يتشككون فيه ويدعون أنه غير رسول.
قال ابن عرفة: وعادتهم يوردون أن هذا من ترتيب الشيء على نقيضه إذ لَا يقال: لو كان البحر متحركا لكان ساكنا؛ لأن اجتماعهما محال، قال: وأجيب بوجهين: