كقولك: ساد من اتصف بالصلاح والكرم والشجاعة، وهذه الآية البرهان فيها ضروري، وهو اقتران البركة والتنزيه بالملك بالقدرة، وهما معلولان بالضرورة.
قوله تعالى:(وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).
الزمخشري: على كل ما لم يوجد مما يدخل تحت القدرة انتهى، مذهب أهل السنة: أن المعدوم الممكن يطلق عليه شيء، ومذهب المعتزلة: أنه لَا يطلق عليه شيء، فإن أراد الزمخشري بقوله: مما لم يدخل تحت القدرة، [أنه بعض تخصيص*] فكلامه خطأ؛ للإجماع على أن [المعدوم*] المستحيل لَا يطلق عليه شيء، وإن كان ذلك الكلام منه تحقيقا لبيان لفظة (شيء)، فهو صواب، ابن عطية: وهو على كل موجود قدير، انتهى، إن قلنا: إن الأعراض [لا*] تبقى زمنين فظاهر، وإن قلنا: ببقائها، فيكون المراد، وهو على إعدام كل موجود قدير؛ لكن يرد عليه أن المشهور عندهم أن العدم الإضافي لَا تتعلق به القدرة، فينحصر الأمر إلى لفظة موجودة من باب تسمية الشيء بما يؤول إليه، وهو على كل ما سيوجد قدير باعتبار إيجاده واختراعه، والآية حجة لأهل السنة في أن أفعال العباد مخلوقة لله تعالى؛ إلا أن يجيب الآخرون بأنها تنسب إليه، بأن خالق فاعلها فهو خالقها بواسطة، فهو قادر على كل شيء؛ إما مباشرة أو بواسطة، وإذا قلنا: إن المخاطب داخل تحت الخطاب، [فيكون*] دليلا على صحة إطلاق لفظة شيء على [القديم*] إلا أن يكون مخصوصا، وكذلك إن قلنا: يمنع إطلاق لفظة شيء على القديم، فإن الصفات عندنا كلها قديمة فيكون اللفظ مخصوصا بها.
الفخر في المحصول: مذهب أهل السنة: أن الموت أمر وجودي، ومذهب المعتزلة: أنه أمر عدمي، والآية حجة لأن الخلق هو الإبراز [من*] العدم إلى الوجود، الآخرون بأن خلق يكون بمعنى قدر، قال الله تعالى (فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ)، انتهى، [نقول إن العدم الإضافي تتعلق به القدرة*]، ابن عطية: وما في الحديث من قوله الرسول صلى الله عليه وسلم: " [" يُجَاءُ بِالْمَوْتِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، كَأَنَّهُ كَبْشٌ أَمْلَحُ -زَادَ أَبُو كُرَيْبٍ: فَيُوقَفُ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، وَاتَّفَقَا فِي بَاقِي الْحَدِيثِ- فَيُقَالُ: يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ هَلْ تَعْرِفُونَ هَذَا؟ فَيَشْرَئِبُّونَ وَيَنْظُرُونَ وَيَقُولُونَ: نَعَمْ، هَذَا الْمَوْتُ، قَالَ: وَيُقَالُ: يَا أَهْلَ النَّارِ هَلْ تَعْرِفُونَ هَذَا؟ قَالَ فَيَشْرَئِبُّونَ وَيَنْظُرُونَ وَيَقُولُونَ: نَعَمْ، هَذَا الْمَوْتُ، قَالَ فَيُؤْمَرُ بِهِ فَيُذْبَحُ*] "، فقال أهل العلم ذلك تمثال كبش يوقع الله العلم الضروري لأهل الدارين، إنه الموت الذي ذاقوه في الدنيا، ويكون ذلك التمثال حاملا للموت انتهى، وهو صحيح خرَّجه مسلمٌ، ووجه ما قال: إن الموت صفة معنوية وظاهر الحديث أنه مخصوص فتناول على أن الكبش حامل له في معناه أنه حامل لجوهر متصف بتلك الصفة المعنوية التي هي عرض من الأعراض وهي الموت، لأنه لو كان حاملا للموت لكان ميتا، ابن عطية: والموت والحياة