ابن عطية: سمع الفضل بن موسى، وهو في معصية هذه [الآية*] فتاب، انتهى، ونحوه نقل القشيري في رسالته عن الفضيل بن عياض، ابن عطية، وحكى الطيبي عن ابن المبارك، انتهى، ونقله أيضا عياض في المدارك، وعبر في الآية بلفظ الفعل في قوله تعالى: [(أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا) *]، لأن ذلك لم يتصف به أعلاهم قبل أوسطهم وأدناهم.
قوله تعالى:(لِذِكرِ اللَّهِ).
الزمخشري: يجوز أن يراد بالذكر، وما نزل من الحق [القرآن*]، لأنه جامع للذكر والموعظة، وأنه حق من السماء، ويجوز أن يراد خشوع القلب، إذا ذكر الله، انتهى، فعلى الأول: هو من عطف الصفات، والمصدر مضاف للفاعل، وعلى الثاني: المصدر مضاف للمفعول، ويحتمل أن يريد [بالذكر*] التوحيد، وعدم الشرك وبما [نزل*] من الحق البراهين والدلائل الدالة على ذلك.
قوله تعالى:(فَقَسَت قُلُوبُهُمْ).
أوَذهلوا عن التأمل والنظر، فقست قلوبهم، لكن بعضهم لم يزل على دينه، وبعضهم [أوصلته الغفلة والذهول، إلى الفسق والفجور*].
الزمخشري: هذا تمثيل لأثر الذكر في القلوب، وأن يحييها كما يحيي الغيث الأرض ونحوه، لابن عطية قال: أي لَا يبعد عليكم أيها التاركون للخشوع رجوعكم إليه، فإن الله يحيي الأرض بعد موتها، وكذلك يفعل بالقلوب، انتهى، فهذا أمر فرعي، ويحتمل بأن يكون المراد التنبيه على صحة الإعادة، بكمال قدرة الله تعالى على إحياء الأرض بعد موتها، فلذلك [ ... ] الخلائق فهذا أمر أصلي، وفي الآية رد على إمام الحرمين القائل: إن العلوم كلها ضرورية، لأن صيغة الطلب هنا إما للوجوب أو الندب، وليست للإنشاء، ولكون متعلقها أمرا دينيا، فهذا من أمور التكليف، واتفقنا على أن الأمور الضرورية لَا يجوز التكليف بها، فدل ذلك على أنه أمر نظري ولا معنى لكون العلوم بعضها ضروري، وبعضها نظري، إلا هذا.