قال ابن عرفة: فيها رد على الحكماء القائلين بأن الأرض في مركزها الطبيعي لما احتيج إلى إرساها بالجبال خوفا أن تميد بهم، إذ لَا تميد إلا إذا لم تكن في مركزها الطبيعي.
قوله تعالى: {أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ (٣٤)}
إن قلت: لم عبر بإن دون [إذا*] مع أن موته محقق؛ فأجاب بأن الملازمة غير محققة، وهي ملزومية موته لخلودهم.
قوله تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ... (٣٥)}
[إنَّ هَذَا الْعُمُومَ مَخْصُوصٌ*] بالقديم لقوله تعالى: (تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ)، وقوله تعالى: (ذَائِقَةُ الْمَوْتِ) دليل على أن الموت أمر وجودي، وعلى أن النفوس باقية بعد الموت بإبقاء الله تعالى؛ لأنها إذا ذاقت الموت فهي ذائقة.
قال ابن عرفة: والعدم لَا يذوق موتا.
قوله تعالى: {قَالُوا أَجِئْتَنَا بِالْحَقِّ أَمْ أَنْتَ مِنَ اللَّاعِبِينَ (٥٥)}
قال ابن عرفة: لم عبر في الأول بالفعل، وفي الثاني بالاسم، وهلا قالوا: أتيت بحق أم أنت من اللاعبين، أو كان يقال: أجئتنا بالحق أم جئتنا باللعب، أم أنت من اللاعبين، الثاني: أنهم قصدوا تحقيق كونه من اللاعبين، وأنه أمر ثابت عندهم ولازم الإتيان بأنه بحق أمر مشكوك فيه عندهم غير ثابت.
قوله تعالى: {قَالُوا أَأَنْتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا ... (٦٢)}
قال [ابن هشام المصري*]: هو محتمل [لإِرَادَة الِاسْتِفْهَام*] الحقيقي بأن يكون لم يعلموا أنه الفاعل [ولإرادة*] التَّقْرِير؛ [بأن*] يكونوا قد علموا، [ولا يكون استفهاما*] عن الفعل [وَلَا تقريرا بِهِ*]؛ لأن الهمزة [لَم تدخل عليه*]، ولأنه عليه السلام قد أجابهم بالفاعل بقوله: (بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا).
قوله تعالى: {لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلَاءِ يَنْطِقُونَ (٦٥)}
قيل: [(ما) *] نافية بالفعل، وهو علم تعلق، ويحتمل أن جملة النفي في موضع مفعول واحد [إن تَعَدَّتْ علم إلى واحد، وفي موضع مفعولين إن تَعَدَّتْ إلى اثنين*].
قال أبو حيان: ورد الأول بأنه إذا كانت تَعَدَّتْ إلى مفعول فخرجت عن علم الأفعال التي تعلق وصارت بمعنى صرف فلا تعلق.