ابن عرفة: مذهب أبي حنيفة أن الحر يقتل بالعبد، ويقتل العبد بالحر عملا بظاهر عموم هذه الآية، ومذهب مالك أن العبد يقتل بالحر ولا يقتل الحر بالعبد، لقوله تعالى:(الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى) لكن يرد علينا بأن ظاهر الآية أن الأنثى لَا تقتل بالذكرَ ولا العكس فيجيب بالحديث، فإِن قلت: لم خصت هذه الأمور دون اليد وغيرها من الأعضاء؟، قلنا: لشرفها بالنسبة إلى ربها، فإن قلت: لم أفردت هذه الألفاظ وجمعت الجروح؟، قلنا: ظنا لإمكان تعددها في الشخص الواحد بخلاف تلك.
قوله تعالى:(وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ).
قرئ بضم النون فأعربه الزمخشري عطفا على الضمير المرفوع في (بِالنفسِ) أي مأخوذة في النفس هي، والعين يكون بالعين حالا، ورده أبو حيان بأنه ضمير رفع متصل فلا يعطفه عليه إلا بعد تأكده، [والفصل*] مثل: [لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا*]، وقال الفارسي، وغيره: لَا وصل فيه ولم يعتبر (لَا)، وأجاب أبو حيان: والمختصر بأنها معتبرة، قلت: وزاد الشيخ أبو العباس أحمد بن محمد ابن القصار في التعقب أنه بعيد من جهة المعنى؛ لأنه يكون المعنى أن النفس مأخوذة هي والعين بالنفس فتكون العين مأخوذة بالنفس حالة كونها قصاصا في العين، ومنهم من يجعلها عطفا على التوهم، وهو أنه يتوهم حذف أن والنفس لمرفوع، ورده أبو حيان بأن العطف على التوهم مخصوص بالشعر، وأجاب الأستاذ أبو العباس ابن القصار، أنهم قالوا في قوله تعالى:(فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ) بجزم أكن عطفا على أصدق متوهما حذف الفاء وأنه مجزوم في جواب الغرض المضمر معها الشرط، قال ابن القصار: والصواب عندي غير هذا كله، وهو أن يكون (النَّفْسَ بِالنَّفْسِ) منصوب على المفعول، (وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ) معطوف عليه على سبيل الحكاية، ولم يحكِ الأول؛ لأنه مفرد في المعنىَ تقديره: كتبنا عليهم كون النفس بالنفس، والثاني جملة والحكاية كما تقول: قرأت براءة وقرأت الحمد لله رب العالمين، انتهى.
ولما ذكر أبو حيان قراءة (وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ) بالرفع إذا اختلف فيه، فقيل: من عطف الجمل فهو على موضع أن، ورده بعدم المجرور، وأجاب ابن عرفة: بأن عطف الجمل لَا يقال فيه على الموضع؛ لأن ذلك جائز بقول: خرج عمرو وزيد قائم، قال: وقيل معطوف على الضمير المرفوع في (بِالنفسِ)، ورده بأنه ضمير متصل فالعطف عليه من غير تأكيد ولا طول لَا يجوز، بخلاف قوله تعالى: