قال ابن عرفة: الكفر يراد به الشرك بالله، ويراد به كفران النعمة وهو هنا راجع للتوحيد والألوهية، وقال الشلوبين: الكفر بالنعمة لَا يأتي إلا مضمرا بها، وقال غيره: أنه يصح الملامة والقرينة بعينه، قال: وأدخل كان هنا للدلالة على تكرار ذلك منهم ودوامه، ولو فيل: كفروا صدق بالمرة الواحدة.
قال ابن عطية: أنه تأكيد؛ لأن قتل الأنبياء عليهم الصلاة والسلام لَا تكون بحق بوجه، وتقدمنا الجواب بأنه تأسيس، قال: وذلك إن نفي الحق تارة يكون في نفس الأمر وفي الاعتقاد، وتارة يكون في نفس الأمر فقط، لَا في الاعتقاد ومثاله قتل المسلم في الجهاد لرجل رآه في صف المشركين، واعتقد أنه مشرك، فإذا هو مسلم فهذا قتله بحق في اعتقاده، وفي نفس الأمر ليس بحق قريبا منه بقدر للزمخشري: في سورة البقرة، وحق هنا في سياق النفي؛ لأنه منفي بقوله:(غير) فيعم قتل الأنبياء، قد يكون بحق في الاعتقاد، وأما في نفس فليس إلا بغير حق.
إن قلت: ما أفاد قوله: (وَكَانُوا يَعْتَدُونَ) وأجيب بوجهين:
الأول: أن العصيان أعم يطلق على المخالفة في الواجب وفي المندوب حسبما ذكر المازري في المعلم في حديث: "ومن لم يجب الدعوة فقد عصى أبا القاسم"، والاعتداء راجع لقوله تعالى:(وَيَقْتُلُونَ الأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ).
يعني ساعات الليل وأوقاته وهم يسجدون، وهو نظير قولك: رأيت زيدا أياما عشرة، فإنه يقتضي عموم الرؤية في عدد تلك الأيام لَا عمومها في زمن كل واحد من تلك الأيام على لو رآه ساعة واحدة منها لصدق، أنه رآه ذلك اليوم، وكذلك يتلون آيات الله ساعات الليل، أي في كل ساعاته ولا يقتضي تعميم إجراء كل ساعة منها بالتلاوة.