النصرة أخص من مقاتلتهم معهم، فأفاد المقاتلة من باب أحرى.
قوله تعالى:(وَاللَّهُ يَشْهَدُ).
الشهادة أخص من [العلم*]، لأن علم الإنسان شيئا يسمعه ويشهد عليه أقوى من علمه شيئا يسمعه ولا يشهد عليه، فإِن قلت: فيها رد على ابن قتيبة في أن عدم المطابقة في الخبر المستقبل خلف لَا كذب لهؤلاء، [وعدوهم*] بالنصرة في المستقبل، فلم ينصروهم، فالجواب: أن المراد بكذبهم عدم مطابقة قولهم لما يقع منهم في المستقبل، فإِن قلت: نحن جعلنا الحكم بكذبهم راجعا لمدلول لفظهم، وأنتم جعلتوه للازم لفظهم، فما قلناه أولى، لأن اللفظ دال عليه بالمطابقة، فالجواب: أنه إذا جعلتم الكذب راجعا للمدلول يلزمكم أن قوله (لَئِنْ أُخْرِجُوا)، وما بعده تأكيد؛ لأنه أفاد عين ما أفاد الأول، وإن جعلتموه راجعا [بلازم اللفظ*]، كان جملة (لَئِنْ أُخْرِجُوا)، تأسيسا، والتأسيس أولى، [بأن يقال*]: إنه لَا يضرنا كونه تأكيدا، وتكون مفسرة لمتعلق التكذيب، بدليل إتيانها غير معطوفة لو كانت تأسيسية؛ لعطفت بالواو التي تقتضي المغايرة (لَئِنْ أُخْرِجُوا ... (١٢) .. ، عبر بأن هذا محقق الوقوع، لأنه رد على كلامهم بأن (وَلَئِن نَصَرُوهُم لَيُوَلُّنَّ الأَدْبَارَ)، الزمخشري: إن قلت: كيف (وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ)، بعد الإخبار؛ لأنهم لَا ينصرونهم، وخبر الله تعالى حق لَا شك فيه، فصار وقوع النصرة محالا، قلت: معناه (وَلَئِنْ نَصَرُوهُم)، على الفرض والتقدير كقوله تعالى:(لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ)، وأورد ابن عطية هنا سؤالا، وأجاب عنه: بأن المراد ولئن حاولوا نصرتهم وعلى هذا لَا يرد سؤال، الزمخشري: لأن محاولة النصرة أمر ممكن، وإنما المحال وقوع النصرة، وفي الآية سؤال آخر، وهو أن القاعدة أن جواب الشرط لَا يصح أن يكون مناقضا للشرط، فلا يقال: إن قام زيد لم يقم، فإِنه محال [للزوم*] اجتماع النقيضين، وتولي الأدبار نقيض النصرة، والجواب: أن الشرط يصح تركيب المحال عليه؛ لَا فرض المحال جائز، كما