لم يقل: لنرمي عليهم حجارة؛ لاقتضاء مادة الرمي كونه بقصد، وقوة الإرسال تقتضي أن يكون عن غير قصد، فهو إشارة إلى أنهم قوم لَا [يُؤْبَهُ بهم*]، يشهد لهذا التفريق ما ذكره الفقهاء في رمي [الجمار*] وإرسالها.
وفي المدونة قال ابن القاسم: إن وضع الحصاة وضعا أو طرحها لم يجزه.
قوله تعالى: {غَيْرَ بَيْتٍ ... (٣٦)}
أتى بدلالة الاقتضاء، ولم يقل: غير أهل بيت تشريفا للبيت، قيل على مذهب أهل السنة: أن الإيمان والإسلام متغايران يلزم أن يكون المخرج غير المخرج منه واللازم باطل فالملزوم مثله، إذ لَا يجوز أن يقول: أخرجنا من فيها من النَّاس فما وجدنا فيها غير البقر، وأجيب: بأنهما متغايران تغاير الأعم والأخص، كقولك: زيد عالم وزيد عليم، فتقول: أخرجت العلماء فما وجدت فيها إلا العليم أو العلامة، قيل: هذا في المثال يصح حيث يخرج شيء ويبقى شيء، وأما هنا فالمخرج منه إذ لم يبق فيها أحد من المؤمنين، أجيب: باحتمال أن يكون فيها بيوت جملة مؤمنين، لكنهم متفاوتون، بعضهم مؤمنون مسلمون، وبعضهم مؤمنون فقط، فأخرجوا في جماعة الأيك، فإِن قلت: لعل المراد أنهم كانوا منقسمين إلى مؤمن وكافر ولم يكن فيهم منافق يظهر الإسلام ويبطن الكفر، بل إنكارهم الكل كانوا متظاهرين بالمخالفة، قلت: هذا بعيد لأن العبرة بالباطن لَا بالظاهر.
قوله تعالى: {وَفِي مُوسَى ... (٣٨)}
كررت قصة موسى عليه السلام في القرآن [لتكرار سؤال اليهود*] إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
[قدم*] ذكر فرعون على السلطان المبين؛ لأنه المقصود بالتخويف به.
أبو حيان: وهذا مثل:
علفتها تبناً وماء باردا
أي وسقيتها ماء، انتهى، يريد لأن مدينة قوم لوط تركت بحيرة مالحة يراه النَّاس اليوم على طريق الشام إلى الحجاز فتركت فيها آية، ولم يترك موسى عليه السلام آية بل جعل آية، فجاء التقدير: وجعلنا في موسى آية، مثل وسقيتها ماء.