للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الحق ظهر أمر الله تابوا ورجعوا عن ابتغاء الفتنة، والفرض أنهم لم يزالوا منافقين، قال: وأجيب بوجهين:

الأول: إذا قلنا كانوا أولا يبغون الفتنة ويقاتلون ويضرون المؤمنين بفعل على أكثر الإسلام وضعف الكفر، صاروا يضرونهم بإيقاع الفتنة بينهم فقط لَا بنصرة الكفار عليهم فالغاية بينة، ورده ابن عرفة لَا ينتفي السؤال لأن أول الآية (لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا).

الجواب الثاني: أن الآية راجعة إلى الأخير فقط لأن ابتغائهم الفتنة لم يزل واقعا منهم وتقلبهم الأمور وتجمعهم على المؤمنين انقطع يظهرون الحق فلم يقدروا عليه، قلت: وتقدم لابن عرفة في الختمة الأولى أن في الآية أسئلة:

الأول: أنه قال قبلها (يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ) وهذا (لَقَدِ ابْتَغَوُا الْفِتْنَةَ) فعبر أولا بالأصل وهنا بالمطاوع، قال سيبويه: يقال عممته فانعم وغممته فاغتم، فمطاوعة الفعل وافتعل فانتفى مطاوعة نفي فالسر في ذلك؟ فالجواب أن ابتغى أخص من كسرته؛ لأن كسرته محتمل لأن يكون الكسر أولا؛ إذ لَا يدل إلا على محاولتك الانكسار فقط على أنه انكسر؛ فعبر بالإبغاء في الأولى، وبالأخص بالثاني ليكون بيانا عقيب إجمال.

السؤال الثاني: لم أفرد الفتنة وجمع الأمور، والمناسب كان العكس؛ لأن الفتنة مصدر محدود بالتاء الدالة على الواحدة، والأمر جنس فيه وعلى القليل والكثير، والجواب أن الأمر أسباب للفتنة، والفتنة [غيرٌ*] عنها والأصل اتحاد المسبب وتفرد سببه لا العكس، كما يستدل على مسألة بأوله جملة، ولا يرمى طائران بحجر واحد.

السؤال الثالث: لم عبر [بـ حتى*] المقتضية لدخول ما قبلها فيما بعدها، وهلا كانت الغاية بإلى لأنهم بنفس ظهور أمر الله ارتفع تغطيتهم الأمور، فقال: إشارة إلى ذواتهم على ذلك عند ظهوره بآدمي الأمر وأنهم لم يرتجعوا حتى ظهر صنع أمر الله.

قوله تعالى: {أَلَا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا ... (٤٩)}

ابن عرفة: هو عندي من باب قلب النكتة؛ وهو أن يستدل الخصم بدليل فيأخذ خصمه بذلك الدليل، ويستدل على نقض مدعاه، كقوله تعالى: (لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ).

قوله تعالى: {إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكَ ... (٥٠)}

<<  <  ج: ص:  >  >>