قال ابن عرفة: اليمين إن كانت في الماضي فهي على أربعة أقسام، فإن حلف على ما يتقنه وتبين له خلافه فهو لغو اليمين، وإن حلفه على ما يتيقن خلافه فهو غموس، ولو تبين أنها حق في نفس الأمر، وكذلك لو حلف على أمر مشكوك فيه عنده وإن حلف على مظنون فقولان، وعليه قال ابن الحاجب: قلت: والظاهر أن الظن كذلك وهما قولان منصوصان، وفسرت اللغو بأنه قول الرجل: لَا والله، ونعم والله. وأخذ به الشافعي رحمه الله وبعض البغداديين من مذهبنا، وإن حلف على مستقبل فإن كان محالا أو ممكنا والغالب عدم وقوعه، كقوله: بالذي لَا إله إلا هو ما تمطر السماء في هذا العام فهو غموس وإن كان ممكنا فهو كفر، وفيه خلاف.
قال ابن عرفة: قال بعضهم: يؤخذ من الآية خلاف مذهب مالك رحمه الله من أن هزله في الطلاق أو النكاح لَا يلزم؛ لأن الآية على أنه لَا يؤاخذ المكلف إلا بما نطق به لسانه معتقدا له بقلبه فينبغي أنه لَا يلزم نكاح المهزل ولا طلاق المهزل قياسا على هذا، وأجيب بأنه مقيد، بقوله تعالى:(فِي أَيْمَانِكُمْ) فمفهومه أن اللغو في غير اليمين مأخوذ به، وقد قالوا في البيع: أن هزله جد فيعارض فيه المفهوم والعموم، فإن قلت: إن هنا مفهوم اللقب، ولم يقل به إلا الدقاق، قلت: بل مفهوم الصفة، لأن أيمان جمع يمين وهو مشتق، أو تقول: أن تلك ليست بأيمان.
قال ابن عطية: وتشديد عقدتم مبالغة في تكثير أحد الأيمان.
ورده ابن عرفة بأنه كذلك وهو في اليمين الواحدة، وهي لغو وغير لغو، وإنما تشديدها مبالغة في عقدها ليخرج اليمين المشكوك في انعقادها.
قيل لابن عرفة: ظاهر الآية أن اليمين يكفر خلاف مذهب مالك رحمه الله، وأجاب بوجهين: إما لأن الآية لَا تتناول إلا اللغو ولا تتناول الغموس بوجه، وبكون حكم الغموس معلوما من الحديث، أو يكون الضمير عائدا على بعض أفراد العام وقد ذكره بعضهم، أو يكون المراد كفارة حنثه، قال: ويؤخذ من الآية أن الاستثناء حل