قال ابن عرفة: هذا أحد القولين فيها، وفيها قول آخر بأن الفعل المتعدي إذا ضمن المجرور الذي بعده معنى آخر تصح نيابته مناب المفعول. و «في» هنا يتضمنه معنى كقولك: أكلت من الرغيف.
ضعف الشيخ أبو حيان العطف هنا للفصل. وأجاب بعض الطلبة بأن «حسنة» مفعول صريح وفي الآخيرة مجرور مؤخر في المعنى، فتقديمه يصيره فاصلا.
فقال ابن عرفة: لا يضر ذلك عندهم. وأنا فيه عندي أنّه نعت نكرة تقدم عليها فصار حالا والحال صفة في المعنى، وإذا كان صفة فالفصل (به) جائز لأنه جزء من الموصوف أو كالجزء. ونظيره (من) الآية التي مثل بها. قال:(وما يجيء)(تمثيل) الفصل إلا بقوله تعالى {فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِن وَرَآءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ} بالنصب على قراءة حمزة وأما قوله تعالى {إِنَّ الله يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأمانات إلى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ الناس أَن تَحْكُمُواْ بالعدل} فالفصل هنالك بالظرف (وهي) جملة معطوفة على جملة.
قال ابن عطية: قيل لعلي كيف يحاسب الله العباد في يوم؟ فقال (كما يرزقهم في يوم).
قل ابن عرفة: كما يفهم أن العرض لا يبقى زمنين والقدرة صالحة إلى الإمداد بعرض آخر فكذلك القدرة صالحة (لأن)
يخلق لله في نفس كل واحد الإخبار بما لَهُ وما عليه (فيخبرُون) بذلك في زمن واحد. وهذا أمر خارق للعادة ولا يمكن قياسه على الشاهد.
قوله تعالى:{واذكروا الله في أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ ... }.
الأمر إما خاص (بالحاج) أو عام لأن سائر الناس أيضا يكبّرون في تلك الأيام غير أنّ الحجاج يكبرون في كل النهار وغيرهم يكبّر دبر (كل) صلاة فقط، وقد كان عمر يرفع صوته بالتكبير في (خبائِه) فيكبّر من خلفه ثم يكبر النّاس كلّهم حتى (يُسْمَع)